وبلغ الخبر تميما فركب وسير العساكر في أثرهم فلم يدركوهم ووصل شاهملك بيحيى بن تميم إلى سفاقس فركب صاحبها واسمه حمو وكان قد خالف على تميم ولقي يحيى ومشى في ركابه راجلا وقبل بده وعظمه واعترف له بالعبودية فأقام عنده أياما ولم يذكره أبو بكلمة وكان قد جعله ولي عهده فلما أخذ أقام أبوه مقامه ابنا له آخر اسمه المثنى.
ثم إن صاحب سفاقس خاف يحيى على نفسه أن يثور معه الجند وأهل البلد ويملكوه عليهم فأرسل إلى تميم كتابا يسأله في إنفاذ الأتراك وأولادهم إليه ليرسل ابنه يحيى ففعل ذلك بعد امتناع وقدم يحيى فحجبه أبوه عنه مدة ثم أعاده إلى حاله ورضي عنه ثم جهز تميم عسكرا إلى سفاقس ويحيى معهم فساروا إليها وحصروها برا وبحرا وضيقوا على الأتراك بها وأقاموا عليها شهرين واستولوا عليها وفارقها الأتراك إلى قابس.
وكان تميم لما رضي عن ابنه يحيى عظم ذلك على ابنه فأمر بإخراجه من المهدية بأهله وأصحابه فركب في البحر ومضى إلى سفاقس فلم يمكنه عامله من الدخول إليها وقصد مدينة قابس وبها أمير يقال له مكين بن كامل الدهسماني فأنزله وأكرمه فحسن له مثنى الخروج معه إلى سفاقس والمهدية وأطمعه فيهما وضمن الإنفاق على الجند من ماله فجمع مكين من يمكنه جمعة وسار إلى سفاقس ومعهما شاهملك التركي وأصحابه فنزلوا على سفاقس وقاتلوها.