قال علقمة بن عبد الرزاق العليمي قصدت بدر الجمالي بمصر فرأيت أشراف الناس وكبراءهم وشعراءهم على بابه قد طال مقامهم ولم يصلوا إليه قال فبينا أنا كذلك إذ خرج بدر يريد الصيد فخرج علقمة في أثره وأقام إلى أن رجع من صيده فلما قاربه وقف على نشز الأرض وأومأ برقعة في دية وأنشأ يقول:
(نحن التجار وهذه أعلاقنا * در وجود يمينك المبتاع) (قلب وفتشها بسمعك إنما * هي جوهر يختاره الأسماع) (كسدت علينا بالشآم تجارها * قل النفاق تعطل الصناع) (فأتاك يحملها إليك تجارها * ومطيها الآمال والأطماع) (حتى أناخوها ببابك والرجا * من دونك السمسار والبياع) (فوهبت مالم يعطه في دهره * هرم ولا كعب ولا القعقاع) (وسبقت هذا الناس في طلب العلا * فالناس بعدك كلهم أتباع) (يا بدر أقسم لو بك اعتصم الورى * ولجوا إليك جميعهم ما ضاعوا) وكان على يد بدر بازي فألقاه وانفرد عن الجيش وجعل الأبيات وهو ينشدها إلى أن استقر في مجلسه ثم قال لجماعة غلمانه وخاصته من أحبني فليخلع على هذا الشاعر فخرج من عنده ومعه سبعون بغلا يحمل الخلع والتحف وأمر له بعشرة آلاف درهم فخرج من عنده وفرق كثيرا من ذلك الشعراء ولما مات بدر قام بما كان إليه ابنه الأفضل.