وأما أبو حاتم لما حصر القيروان كثر جمعه ولازم حصارها وليس في بيت مالها دينار ولا في اهرائها شيء من الطعام فدام الحصار ثمانية أشهر وكان الجند يخرجون فيقاتلون الخوارج طرفي النهار حتى جهدهم الجوع وأكلوا دوابهم وكلابهم ولحق كثير من أهلها بالبربر ولم يبق غير دخول الخوارج إليها فأتاهم الخبر بوصول عمر بن حفص من طبنة فنزل الهريش وهو في سبعمائة فارس فزحف الخوارج إليه بأجمعهم وتركوا القيروان فلما فارقوها سار عمر إلى تونس فتبعه البربر فعاد إلى القيروان مجدا وأدخل إليها ما يحتاج من طعام ودواب وحطب وغير ذلك ووصل أبو حاتم والبربر فحصروه فطال الحصار حتى أكلوا دوابهم وفي كل يوم يكون بينهم قتال وحرب فلما ضاق الأمر بعمر وبمن معه قال لهم الرأي أن أخرج من الحصار وأغير على بلاد البربر وأحمل إليكم الميرة قالوا: أنا نخاف بعدك قال فأرسل فلانا وفلانا يفعلان ذلك فأجابوه فلما قال للرجلين قالا: لا نتركك في الحصار ونسير عنك فعزم على إلقاء نفسه إلى الموت.
فأتى الخبر أن المنصور قد سير إليه يزيد بن حاتم بن قتيبة بن الهلب في ستين ألف مقاتل وأشار عليه من عنده بالتوقف عن القتال إلى أن يصل العسكر فلم يفعل وخرج وقاتل فقتل منتصف ذي الحجة سنة اربع وخمسين ومائة وقام بأمر الناس حميد بن صخر وهو أخو عمر لأمه فوادع أبا حاتم وصالحه على أن حميدا ومن معه لا يخلعون المنصور ولا ينازعهم أبو حاتم في سوادهم وسلاحهم وأجابهم إلى ذلك وفتحت له القروان وخرج أكثر الجند إلى طبنة وأحرق أبو حاتم أبواب القيروان وثلم سورها.
وبلغه وصول يزيد بن حاتم فسار إلى طرابلس وأمر صاحبه بالقيروان بأخذ