ومرة بالجبل ومرة بالحجاز ومرة باليمن ومرة بالشام ثم انه قدم الموصل وقدمها المنصور في طلبه فحكى إبراهيم قال اضطرني الطلب بالموصل حتى جلست على مائدة المنصور ثم خرجت وقد كف الطلب وكان قوم من أهل العسكر يتشيعون فكتبوا إلى إبراهيم يسألونه القدوم إليهم ليثبوا بالمنصور فقدم عسكر أبي جعفر وهو ببغداد وقد خطها وكأنت له مرآة ينظر فيها فيرى عدوه من صديقه فنظر فيها فقال يا مسيب قد رأيت إبراهيم في عسكري وما في الأرض أعدى لي منه فانظر أي رجل يكون.
ثم إن المنصور أمر ببناء قنطرة الصراة العتيقة فخرج إبراهيم ينظر إليها مع الناس فوقعت عليه عين المنصور فجلس إبراهيم وذهب في الناس فاتى قاميا فلجأ إليه فأصعده غرفة له وجد المنصور في طلبه وضع الرصد بكل مكان فنشب إبراهيم مكانه فقال له صاحبه سفيان بن حيان القمي قد نزل بنا ما ترى ولا بد من المخاطرة قال فأنت وذاك فاقبل سفيان إلى الربيع فسأله الاذن على المنصور فأدخله عليه فلما رآه شتمه فقال يا أمير المؤمنين أنا أهل لما تقول غير أني أتيتك تائبا ولك عندي كل ما تحب وأنا آتيك بإبراهيم بن عبد الله إني قد بلوتهم فلم أجد فيهم خيرا فاكتب لي جوازا ولغلام معي يحملني على البريد ووجه معي جندا فكتب له جوازا ودفع إليه جندا وقال هذه ألف دينار فاستعن بها قال لا حاجة لي فيها وأخذ منها ثلاثمائة دينار وأقبل الجند معه فدخل البيت وعلى إبراهيم جبة صوف وقباء كأقبية الغلمان فصاح به فوثب وجعل يأمره وينهاه وسار على البريد.