فاستغلظ له أبو الخطار فأجابه الصميل فأمر به فأقيم وضرب قفاه فمالت عمامته فلما خرج قيل له: نرى عمامتك مالت فقال أن كان لي قوم فسيقيمونها.
وكان الصميل من أشراف مضر فلما دخل الأندلس مع بلج شرف فيها بنفسه وأوليته فلما جرى له ما ذكرناه جمع قومه وأعلمهم فقالوا: له نحن تبع لك فقال أريد أن أخرج أبا الخطار من الأندلس فقال له بعض أصحابه افعل واستعن بمن شئت ولا تستعن بابي عطاء القيسي وكان من أشراف قيس وكان يناظر الصميل في الرياسة ويحسده. وقال له غيره الرأي انك تأتي أبا عطاء وتشد أمرك به فإنه تحركه الحمية وينصرك وان تركته مال إلى أبي الخطار وأعانه عليك ليبلغ فيك ما يريد والرأي أيضا أن تستعين عليه بأهل اليمن فضلا عن معد.
ففعل ذلك وسار من ليلته إلى أبي عطاء وكان يسكن مدينة إستجة فعظمه أبو عطاء وسأله عن سبب قدومه فأعلمه فلم يكلمه حتى قام فركب فرسه ولبس سلاحه قال له انهض الآن حيث شئت فأنا معك وأمر أهله وأصحابه باتباعه فساروا إلى مرو وبها ثوابة بن سلمة الحداني وكان مطاعا في قومه وكان أبو الخطار قد استعمله على إشبيلية وغيرها ثم عزله ففسد عليه فدعاه الصميل إلى نصره ووعده انهم إذا اخرجوا أبا الخطار صار أميرا فأجاب إلى نصره ودعا قومه فأجابوه فساروا إلى شدونة وسار إليهم أبو الخطار من قرطبة واستخلف بها إنسانا فالتقوا واقتتلوا في رجب من هذه السنة وصبر الفريقان ثم وقعت الهزيمة على أبي الخطار وقتل أصحابه أشد قتال واسر أبو الخطار وكان بقرطبة أمية بن عبد الملك بن قطن فأخرج منها خليفة أبي الخطار وانتهب ما وجد لهما فيها.