ثم لقوه من الغد فانهزموا من عبد الواحد وعادوا إلى القيروان وهلكت دوابهم بسبب الحنطة.
فلما وصلوها نظروا وإذ قد هلك منهم عشرون ألف فرس، وسار عبد الواحد فنزل على ثلاثة أميال من القيروان بموضع يعرف بالأصنام وقد اجتمع معه ثلاثمائة ألف مقاتل فحشد حنظلة كل من بالقيروان وفرق فيهم السلاح والمال فكثر جمعه فلما دنا الخوارج مع عبد الواحد خرج إليهم حنظلة من القيروان واصطفوا للقتال وقام العلماء في أهل القيروان يحثونهم على الجهاد وقتال الخوارج ويذكرونهم ما يفعلونه بالنساء من السبي وبالأبناء من الاسترقاق وبالرجال من القتل فكسر الناس أجفان سيوفهم وخرج إليهم نساؤهم يحرضنهم فحمي الناس وحملوا على الخوارج حملة واحدة وثبت بعضهم لبعض فاشتد اللزام وكثر الزحام وصبر الفريقان ثم ان الله تعالى هزم الخوارج والبربر ونصر العرب وكثر القتل في البربر وتبعوهم إلى جلولاء يقتلون ولم يعلموا أن عبد الواحد قد قتل حتى حمل رأسه إلى حنظلة، فخر الناس لله سجدا.
فقيل لم يقتل بالمغرب أكثر من هذه القتلة فأن حنظلة أمر باحصاء القتلى فعجز الناس عن ذلك حتى عدوهم بالقصب فكانت عدة القتلى مائة ألف وثمانين ألفا ثم أسر عكاشة مع طائفة أخرى بمكان آخر وحمل إلى حنظلة فقتله وكتب حنظلة إلى هشام بن عبد الملك بالفتح وكان الليث بن سعد يقول ما غزوة إلى الآن أشد بعد غزوة بدر من غزوة العرب بالأصنام.