عليه أن لا يخالفه فيما يشير به عليه من ارتحال أو نزول أو قتال فقال: نعم قال: فإني أطلب إليك خصالا قال وما هي قال تخندق حيثما نزلت ولا يفوتنك حمل الماء ولو كنت على شاطئ نهر وأن تطيعني في نزولك وارتحالك قال نعم قال أما ما أشاروا عليك في مقامك بسمرقند حتى يأتيك الغياث فالغياث يبطئ عنك وأما ما أشاروا من طريق كش ونسف فإنك إن سرت بالناس في غير الطريق فتت في أعضادهم وانكسروا عن عدوهم واجترأ عليك خاقان وهو اليوم قد استفتح بخارى فلم يفتحوا له فإن أخذت غير الطريق بلغ أهل بخارى ما فعلت فيستسلموا لعدوهم وإن أخذت الطريق الأعظم هابك العدو.
والرأي عندي أن تأخذ عيال من قتل مع سورة فتقسمهم على عشائرهم وتحملهم معك فإني أرجوا بذلك أن ينصرك الله على عدوك وتعطي كل رجل تخلف بسمرقند ألف درهم وفرسا.
فأخذ برأيه وخلف بسمرقند عثمان بن عبد الله بن الشخير في أربعمائة فارس وأربعمائة راجل فشتم الناس عبد الله بن أبي عبد الله وقالوا: ما أراد إلا هلاكنا فخرج الجنيد وحمل العيال معه وسرح الأشحب بن عبيد الحنظلي ومعه عشرة من الطلائع وقال كلما مضيت مرحلة تسرح إلي رجلا يعلمني الخبر وسار الجنيد فأسرع السير فقال له عطاء الدبوسي انظر أضعف شيخ في العسكر فسلحه سلاحا تاما بسيفه ورمحه وترسه وجعبته ثم سر على قدر مشيه فإنا لا نقدر على سرعة المسير والقتال [ونحن رجالة]. ففعل الجنيد ذلك ولم يعرض للناس عارض حتى خرجوا من الأماكن المخوفة ودنا من الطواويس وأقبل إليه خاقان بكرمينية أول يوم من رمضان واقتتلوا فأتاه عبد الله بن أبي عبد الله وهو يضحك فقال الجنيد ليس هذا يوم ضحك قال الحمد لله إذا لم يلقك هؤلاء في جبال معطشة وعلى ظهر إنما أتوك وأنت مخندق آخر النهار كالين وأنت معك الزاد، فقاتلوا قليلا ثم رجعوا. ثم قال للجنيد: ارتحل