الصلات وأسنى الأرزاق وألحقهم بالأولياء وأهل الطاعة وأن ما كان منهم من ذلك يوجب عليهم حقه وطاعته وأنهم لن يأتوا شيئا يتعرضون به لطاعة ربهم والاستدعاء لرضاء سلطانهم أولى بهم من الجد والاجتهاد في مجاهدة عدو الله الخائن وأصحابه وأنهم من الخبرة بمسالك عسكر الخبيث ومضايق طرق مدينته والمعاقل التي أعدها للهرب إليها على ما ليس عليه غيرهم فهم أحرياء أن يمحضوه نصيحتهم ويجتهدوا في الولوج على الخبيث والتوغل إليه في حصونه حتى يمكنهم الله منه ومن أشياعه فإذا فعلوا ذلك فلهم الاحسان والمزيد وأن من قصر منهم استدعى من سلطانه إسقاط حاله وتصغير منزلته ووضع مرتبته فارتفعت أصواتهم جميعا بالدعاء للموفق والاقرار بإحسانه وبما هم عليه من صحة الضمائر في السمع والطاعة والجد في مجاهدة عدوه وبذل دمائهم ومهجهم في كل ما يقربهم منه وأن ما دعاهم إليه قد قوى نيتهم ودلهم على ثقته بهم وإحلاله إياهم محل أوليائه وسألوه أن يفردهم بناحية يحاربون فيها فيظهر من حسن نياتهم ونكايتهم في العدو ما يعرف به إخلاصهم وتورعهم عما كانوا عليه من جهلهم فأجابهم الموفق إلى ما سألوا وعرفهم حسن موقع ما ظهر له من طاعتهم وخرجوا من عنده مبتهجين بما أجيبوا به من حسن القول وجميل الوعد (وفى ذي القعدة) من هذه السنة دخل الموفق مدينة الفاسق بالجانب الشرقي من نهر أبى الخصيب فخرب داره وانتهب ما كان فيها ذكر الخبر عن هذه الوقعة ذكر أن أبا أحمد لما عزم على الهجوم على الفاسق في مدينته بالجانب الشرقي من نهر أبى الخصيب أمر بجمع السفن والمعابر من دجلة والبطيحة ونواحيها ليضيفها إلى ما في عسكره إذ كان ما في عسكره مقصرا عن الجيش لكثرته وأحصى ما في الشذا والسميريات والرقيات التي كانت تعبر فيها الخيل فكانوا زهاء عشرة آلاف ملاح ممن يجرى عليه الرزق من بيت المال مشاهرة سوى سفن أهل العسكر التي يحمل فيها الميرة ويركبها الناس في حوائجهم وسوى ما كان لكل قائد ومن
(١٢٩)