الاحسان وأمرهم بالتأهب للعبور وأن يعظوا أصحابهم بمثل الذي وعظوا به وأقام الموفق بعد ذلك يوم الثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة لاصلاح ما يحتاج إليه فلما كمل ذلك تقدم إلى من يثق إليه من خاصته وقواد غلمانه ومواليه بما يكون عليه عملهم في وقت عبورهم وفى عشى يوم الجمعة تقدم إلى أبى العباس وقواد غلمانه ومواليه بالنهوض إلى مواضع سماها لهم فأمر أبا العباس بالقصد في أصحابه إلى الموضع المعروف بعسكر ريحان وهو بين النهر المعروف بالسفياني والموضع الذي لجأ إليه وأن يكون سلوكه بجيشه في النهر المعروف بنهر المغيرة حتى يخرج بهم في معترض نهر أبى الخصيب فيوافى بهم عسكر ريحان من ذلك الوجه وأنفذ قائدا من قواد غلمانه السودان وأمره أن يصير إلى نهر الأمير فيعترض في المنصف منه وأمر سائر قواده وغلمانه بالمبيت في الجانب الشرقي من دجلة بإزاء عسكر الفاسق متأهبين للغدو على محاربته وجعل الموفق يطوف في الشذا على القواد ورجالهم في عشى يوم الجمعة وليلة السبت ويفرقهم في مراكزهم والمواضع التي رتبهم فيها من عسكر الفاسق ليباكروا المصير إليها على ما رسم لهم وغدا الموفق يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة 270 فوافى نهر أبى الخصيب في الشذا فأقام بها حتى تكامل عبور الناس وخروجهم عن سفنهم وأخذ الفرسان والرجالة مراكزهم وأمر بالسفن والمعابر فردت إلى الجانب الشرقي وأذن للناس في الزحف إلى الفاسق وسار يقدمهم حتى وافى الموضع الذي قدر أن يثبت الفسقة فيه لمدافعة الجيش عنهم وقد كان الخائن وأصحابه لخبثهم رجعوا إلى المدينة يوم الاثنين بعد انصراف الجيش عنها وأقاموا بها وأملوا أن تتطاول بهم الأيام وتندفع عنهم المناجزة فوجد الموفق المتسرعين من فرسان غلمانه ورجالتهم قد سبقوا أعظم الجيش فأوقعوا بالفاجر وأصحابه وقعة أزالوهم بها عن مواقفهم فانهزموا وتفرقوا لا يلوى بعضهم على بعض واتبعهم الجيش يقتلون ويأسرون من لحقوا منهم وانقطع الفاسق في جماعة من حماته من قواد الجيش ورجالهم وفيهم المهلبي وفارقه ابنه انكلاى وسليمان بن جامع فقصد لكل فريق ممن سمينا جمع كثيف من موالى
(١٤٠)