وتخلص الفاسق ومضى هاربا نحو دار المهلبي لا يلوى على أهل ولا مال وأحرقت داره وما بقى فيها من متاع وأثاب وأتى الموفق بنساء الخبيث وأولاده فأمر بحملهم إلى الموفقية والتوكيل بهم والاحسان إليهم وكان جماعة من قواد أبى العباس عبروا نهر أبى الخصيب وقصدوا الموضع الذي أمروا بقصده من دار المهلبي ولم ينتظروا إلحاق أصحابهم بهم فوافوا دار المهلبي وقد لجأ إليها أكثر الزنج بعد انكشافهم عن دار الخبيث فدخل أصحاب أبي العباس الدار وتشاغلوا بالنهب وأخذ ما كان غلب عليه المهلبي من حرم المسلمين وأولاده منهن وجعل كل من ظفر بشئ انصرف به إلى سفينته في نهر أبى الخصيب وتبين الزنج قلة من بقى منهم وتشاغلهم بالنهب فخرجوا عليهم من عدة مواضع قد كانوا كمنوا فيها فأزالوهم عن مواضعهم فانكشفوا واتبعهم الزنج حتى وافوا بر؟؟ أبى الخصيب وقتلوا من فرسانهم ورجالتهم جماعة يسيرة وارتجعوا بعض ما كانوا أخذوا من النساء والمتاع وكان فريق من غلمان الموفق وأصحابه الذين قصدوا دار الخبيث في شرقي نهر أبى الخصيب تشاغلوا بالنهب وحمل الغنائم إلى سفنهم فأطمع ذلك الزنج فيهم فأكبوا عليهم فكشفوهم واتبعوا آثارهم إلى الموضع المعروف بسوق الغنم من عسكر الزنج فثبتت جماعة من قواد الغلمان في أنجاد أصحابهم وشجعانهم فردوا وجوه الزنج حتى ثاب الناس وتراجعوا إلى مواقفهم ودامت الحرب بينهم إلى وقت صلاة العصر فأمر أبو أحمد عند ذلك غلمانه أن يحملوا على الفسقة بأجمعهم حملة صادقة ففعلوا ذلك فانهزم الزنج وأخذتهم السيوف حتى انتهوا إلى دار الخبيث فرأى الموفق عند ذلك أن يصرف غلمانه وأصحابه على إحسانهم فأمرهم بالرجوع فانصرفوا على هدو وسكون فأقام الموفق في النهر ومن معه في الشذا يحميهم حتى دخلوا سفنهم وأدخلوها خيلهم وأحجم الزنج عن اتباعهم لما نالهم في آخر الوقعة وانصرف الموفق ومعه أبو العباس وسائر قواده وجميع جيشه قد غنموا أموال الفاسق واستنقذوا جمعا من النساء اللواتي كان غلب عليهن من حرم المسلمين كثيرا جعلن يخرجن في ذلك اليوم إرسالا إلى فوهة نهر أبى الخصيب فيحملن في السفن إلى
(١٣٢)