بالذهب والفضة وحمل بين يديه من أصناف الكسي والأموال في البدور ما يحمله مائة غلام وأمر لقواده من الصلات والحملان والكسى على قدر محل كل إنسان مهم عنده وأقطعه ضياعا جليلة القدر وصرفه إلى عسكره بإزاء نهر أبى الخصيب بأجمل حال وأعدت له ولأصحابه الانزال والعلوفات وأمره برفع جرائد لأصحابه بمبلغ أرزاقهم على مراتبهم فرفع ذلك فأمر لكل إنسان منهم بالضعف مما كان يجرى له وضع لهم العطاء عند رفع الجرائد ووفوا ما رسم لهم ثم تقدم إلى لؤلؤ في التأهب والاستعداد للعبور إلى غربي دجلة لمحاربة الفاسق وأصحابه وكان الخبيث لما غلب على نهر أبى الخصيب وقطعت القناطر والجسور التي كانت عليه أحدث سكرا في النهر من جانبيه وجعل في وسط السكر بابا ضيقا ليحتد فيه جرية الماء فيمتنع الشذا من دخوله في الجزر ويتعذر خروجها منه في المد فرأى أبو أحمد أن حربه لا يتهيأ له إلا بقلع هذا السكر فحاول ذلك فاشتدت محاماة الفسقة عنه وجعلوا يزيدون فيه في كل يوم وليلة وهو متوسط دورهم والمؤونة لذلك تسهل عليهم وتغلظ على من حاول قلعه فرأى أبو أحمد أن يحارب بفريق بعد فريق من أصحاب لؤلؤ ليضروا لمحاربة الزنج ويقفوا على المسالك والطرق في مدينتهم فأمر لؤلؤ أن يحضر في جماعة من أصحابه للحرب على هذا السكر وأمر بإحضار الفعلة لقلعه ففعل فرأى الموفق من نجدة لؤلؤ وإقدامه وشجاعة أصحابه وصبرهم على ألم الجراح وثبات العدة اليسيرة منهم في وجوه الجمع الكثير من الزنج ما سره فأمر لؤلؤا بصرف أصحابه إشفاقا عليهم وضنا بهم فوصلهم الموفق وأحسن إليهم وردهم إلى معسكرهم وألح الموفق على هذا السكر فكان يحارب المحامين عنه من أصحاب الخبيث بأصحاب لؤلؤ وغيرهم والفعلة يعملون في قلعه ويحارب الفاجر وأشياعه من عدة وجوه فيحرق مساكنهم ويقتل مقاتلتهم ويستأمن إليه الجماعة بعد الجماعة من رؤسائهم وكانت قد بقيت للخبيث وأصحابه أرضون من ناحية نهر الغربي كان لهم فيها مزارع وخضر وقنطرتان على نهر الغربي يعبرون عليها إلى هذه الأرضين فوقف أبو العباس
(١٣٤)