الموفقية إلى انقضاء الحرب وكان الموفق تقدم إلى أبى العباس في هذا اليوم أن ينفذ قائدا من قواده في خمس شذوات إلى مؤخر عسكر الخبيث بنهر أبى الخصيب لاحراق بيادر ثم جليل قدرها كان الخبيث يقوت أصحابه منها من الزنج وغيرهم ففعل ذلك وأحرق أكثره وكان إحراق ذلك من أقوى الأشياء على ادخال الضعف على الفاسق وأصحابه إذ لم يكن لهم معول في قوتهم غيره فأمر أبو أحمد بالكتاب بما تهيأ له على الخبيث وأصحابه في هذا اليوم إلى الآفاق ليقرأ على الناس ففعل ذلك (وفى يوم الأربعاء) لليلتين خلتا من ذي الحجة من هذه السنة وافى عسكر أبى أحمد صاعد بن مخلد كاتبه منصرفا إليه من سامرا ووافى معه بجيش كيف قيل إن عدد الفرسان والرجالة الذين قدموا كان زهاء عشرة آلاف فأمر الموفق بإراحة أصحابه وتجديد أسلحتهم وإصلاح أمورهم وأمرهم بالتأهب لمحاربة الخبيث فأقام أياما بعد قدومه لما أمر به فهم في ذلك من أمرهم إذ ورد كتاب لؤلؤ صاحب ابن طولون مع بعض قواده يسأله فيه الاذن له في القدوم عليه ليشهد عليه حرب الفاسق فأجابه إلى ذلك فأذن له في القدوم عليه وأخر ما كان عزم عليه من مناجزة الفاجر انتظارا منه قدوم لؤلؤ وكان لؤلؤ مقيما بالرقة في جيش عظيم من الفراغنة والأتراك والروم والبربر والسودان وغيرهم من نخبة أصحاب ابن طولون فلما ورد على لؤلؤ كتاب أبى أحمد بالاذن له في القدوم عليه شخص من ديار مضر حتى ورد مدينة السلام في جميع أصحابه وأقام بها مدة ثم شخص إلى أبى أحمد فوافاه بعسكره يوم الخميس لليلتين خلتا من المحرم سنة 270 فجلس له أبو أحمد وحضر ابنه أبو العباس وصاعد والقواعد على مراتبهم فأدخل عليه لؤلؤ في زي حسن فأمر أبو العباس أن ينزل معسكرا كان أعد له بإزاء نهر أبى الخصيب فنزله في أصحابه وتقدم إليه في مباكرة المصير إلى دار الموفق ومعه قواده وأصحابه للسلام عليه فغدا لؤلؤ يوم الجمعة لثلاث خلون من المحرم وأصحابه معه في السواد فوصل إلى الموفق وسلم عليه فقربه وأدناه ووعده وأصحابه خيرا وأمر أن يخلع عليه وعلى خمسين ومائة قائد من قواده وحمله على خيل كثيرة بالسروج واللجم المحلاة
(١٣٣)