البحرية وغيرها فجعلها عند الجسر الثاني وجمع قواده وأصحابه وأنجاد رجاله هنالك فأمر الموفق بعض غلمانه بالدنو من الجسر واحراق ما تهيأ احراقه من المراكب البحرية التي تليه وأخذ ما أمكن أخذه منها ففعل ذلك المأمورون به من الغلمان فزاد فعلهم في تحرز الفاجر ومحاماته عن الجسر الثاني فألزم نفسه وجميع أصحابه حفظه وحراسته خوفا من أن تهيأ حيلة فيخرج الجانب الغربي عن يده ويوطئه أصحاب الموفق فيكون ذلك سببا لاستئصاله فأقام الموفق بعد احراق الجسر الأول أياما يعبر بجمع بعد جمع من غلمانه إلى الجانب الغربي من نهر أبى الخصيب فيحرقون ما بقى من منازل الفجرة ويقربون من الجسر الثاني فيحاربهم عليه الزنج وقد كان تخلف منهم جمع في منازلهم في الجانب الغربي المقاربة للجسر الثاني وكان غلمان الموفق يأتون هذا الموضع ويقفون على الطرق والمسالك التي كانت تخفى عليهم من عسكر الخبيث فلما وقف الموفق على معرفة غلمانه وأصحابه بهذه الطريق واهتدائهم لسلوكها عزم على القصد لاحراق الجسر الثاني ليحوز الجانب الغربي من عسكر الخبيث وليتهيأ لأصحابه مساواتهم على أرض واحدة لا يكون بينهما فيها حائل غير نهر أبى الخصيب فأمر الموفق عند ذلك أبا العباس بقصد الجانب الغربي في أصحابه وغلمانه وذلك في يوم السبت لثمان بقين من شوال سنة 269 وتقدم إليه أن يجعل خروجه بأصحابه في موضع البناء الذي كان الفاجر سماه مسجد الجامع وأن يأخذ الشارع المؤدى إلى الموضع الذي كان الخبيث اتخذه مصلى يحضره في أعياده فإذا انتهى إلى موضع المصلى عطف منه إلى الجبل المعروف بجبل المكتنى بأبي عمر وأخي المهلبي وضم إليه من قواد غلمانه الفرسان والرجالة زهاء عشرة آلاف وأمره أن يرتب زيرك صاحب مقدمته في أصحابه في صحراء المصلى ليأمن خروج كمين إن كان للفسقة من ذلك الموضع وأمر جماعة من قواد الغلمان أن يتفرقوا في الجبال التي فيها بين الجبل المعروف بالمكتنى بأبي عمرو وبين الجبل المعروف بالمكتنى أبا مقاتل الزنجي حتى توافوا جميعا من هذه الجبال موضع الجسر الثاني في نهر أبى الخصيب
(١٢٤)