غلمان الموفق ووجه به وبأصحابه في الشذا فوقفوا بحيث يراهم الخبيث وأشياعه فعظم ذلك على الفاسق وأوليائه لما رأوا من رغبة رؤسائهم في اغتنام الأمان وتبين الموفق من مناصحة شبل وجودة فهمه ما دعاه إلى أن يستكفيه بعض الأمور التي يكيد بها الخبيث فأمره بتبييت عسكر الخبيث في جمع أمر بضمهم إليه من أبطال الزنج المستأمنة وأفراده وإياهم بما أمرهم به من البيات لعلمهم بالمسالك في عسكر الخبيث فنفذ شبل لما أمر به فقصد موضعا كان عرفه فكبسه في السحر فوافى به جمعا كثيفا من الزنج في عدة من قوادهم وحماتهم قد كان الخبيث رتبهم في الدفع عن الدار المعروفة بأبي عيسى وهى منزل الخبيث حينئذ فأوقع بهم وهم غارون فقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر جمعا من قواد الزنج وأخذ لهم سلاحا كثيرا وانصرف ومن كان معه سالمين فأتى بهم الموفق فأحسن جائزتهم وخلع عليهم وسور جماعة منهم ولما أوقع أصحاب شبل بأصحاب الخائن هذه الوقعة ذعرهم ذلك ذعرا شديدا وأخافهم ومنعهم النوم فكانوا يتحارسون في كل ليلة ولا تزال النفرة تقع في عسكرهم لما استشعروا من الخوف ووصل إلى قلوبهم من الوحشة حتى لقد كان ضجيجهم وتحارسهم يسمع بالموفقية * ثم أقام الموفق بعد ذلك ينفذ السرايا إلى الخبثة ليلا ونهارا من جانبي نهر أبى الخصيب ويكدهم بالحرب ويسهر ليلهم ويحول بينهم وبين طلب أقواتهم وأصحابه في ذلك يتعرفون المسالك ويتدربون بالوغول في مدينة الخبيث وتقحمها ويصرون من ذلك على ما كانت الهيبة تحول بينهم وبينه حتى إذا ظن الموفق أن قد بلغ أصحابه ما كانوا يحتاجون إليه صح عزمه على العبور إلى محاربة الفاسق في الجانب الشرقي من نهر أبى الخصيب فجلس مجلسا عاما وأمر بإحضار قواد المستأمنة ووجوه فرسانهم ورجالتهم من الزنج والبيضان فأدخلوا إليه ووقفوا إليه ووقفوا بحيث يسمعون كلامه ثم خاطبهم فعرفهم ما كانوا عليه من الضلالة والجهل وانتهاك المحارم وما كان الفاسق دين لهم من معاصي الله وأن ذلك قد كان أباح له دماءهم وأنه قد غفر الزلة وعفا عن الهفوة وبذل الأمان وعاد على من لجأ إليه بفضلة فأجزل
(١٢٨)