قرب منى تواعدني وتهددني وراودني عن نفسي وجرني إلى الحائط فسقطت وأغمى على، فوالله ما أفقت إلا وقد نال منى ما ينال الرجل من امرأته، فقمت وكتمت أمرى عن عمى وجيراني، فلما تكاملت أيامى وانقضت شهوري وضربني الطلق وأحسست بالولادة خرجت إلى موضع كذا وكذا فوضعت هذا الغلام فهممت بقتله ثم ندمت على ذلك، فاحكم بحكم الله بيني وبينه. قال ابن عباس: فأمر عمر رضي الله عنه مناديه ينادى. فأقبل الناس يهرعون إلى المسجد ثم قام عمر فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار لا تتفرقوا حتى آتيكم بالخبر. ثم خرج من المسجد وأنا معه، فنظر إلى وقال: يا ابن عباس أسرع معي، فجعل يسرع حتى قرب من منزله فقرع الباب فخرجت جارية كانت تخدمه، فلما نظرت إلى وجهه وقد غلبه الغضب قالت: ما الذي نزل بك؟ قال يا هذه ولدى أبو شحمة هاهنا؟ قالت: إنه على الطعام، فدخل وقال له: كل يا بنى فيوشك أن يكون آخر زادك من الدنيا. قال قال ابن عباس: فرأيت الغلام وقد تغير لونه وارتعد، وسقطت اللقمة من يده. فقال له عمر: يا بنى من أنا؟ قال: أنت أبى وأمير المؤمنين. قال: فلي عليك حق طاعة أم لا؟ قال: طاعتان مفترضتان، أولهما: أنك والدي والأخرى أنك أمير المؤمنين. فقال عمر: بحق نبيك وبحق أبيك، فإني أسألك عن شئ إلا أخبرتني. قال: يا أبة لا أقول غير الصدق. قال: هل كنت ضيفا لنسيكة اليهودي، فشربت عنده الخمر وسكرت قال: بأبي قد كان ذلك وقد تبت. قال: يا بنى رأس مال المذنبين التوبة. ثم قال: يا بنى أنشدك الله هل دخلت ذلك اليوم حائطا لبنى النجار فرأيت امرأة فواقعتها؟ فسكت وبكى وهو يبكى ويلطم وجهه. فقال له عمر: لا بأس أصدق فإن الله يحب الصادقين. فقال: يا أبى كان ذلك والشيطان أغواني وأنا تائب نادم. فلما سمع عمر ذلك قبض على يده ولببه وجره إلى المسجد. فقال: يا أبه لا يعصمني على رؤوس الخلائق حد السيف واقطعني هاهنا إربا إربا. قال: أما
(٢٧١)