يا رسول الله والناس على الاسلام يومئذ. قال: نعم. قال: ففيم يقتلون من أطاع الله وأمرهم بطاعة الله؟ قال: يا عمر ترك القوم الطريق وركبوا الدواب ولبسوا اللين من الثياب وخدمتهم أبناء فارس والروم، يتزين منهم الرجل بزينة المرأة لزوجها وتتبرج النساء، زيهم زي الملوك ودينهم دين كسرى، يتسمنون يتباهون بالحساء واللباس، فإذا تكلم أولياء الله عليهم - العنامحسه - [العناء صبحتهم] صلاتهم قد ذبحوا أنفسهم من العطش، إذا تكلم منهم متكلم كذب وقيل له أنت قرين الشيطان ورأس الضلالة، يحرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، يتأولوا كتاب الله على غير تأويله واستذلوا أولياء الله. واعلم يا أسامة أن أقرب الناس إلى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه في الدنيا الأخفياء الأبرار الذين إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، ويعرفون في أهل السر، يخفون على أهل الأرض، تعرفهم بقاع الأرض وتحف بهم الملائكة. نعم الناس بالدنيا ونعموا هم بالجوع والعطش، ولبس الناس لين الثياب وافترشوا هم الجباه والركب، ضحك الناس وبكوا، ألا لهم الشرف في الآخرة، يا ليتني قد رأيتهم، بقاع الأرض بهم رحبة، الجبار تعالى عنهم راض، ضيع الناس فعل النبيين وأخلاقهم وحفظوها. الراغب من رغب إلى الله في مثل رغبتهم، والخاسر من خالفهم. تبكي الأرض إذا افتقدتهم، ويسخط الله عز وجل على كل بلد ليس فيه منهم أحد، يا أسامة إذا رأيتهم في قرية فاعلم أنهم أمان لأهل تلك القرية، لا يعذب الله قوما هم فيهم، اتخذهم لنفسك تنجو بهم، وإياك أن تدع ما هم عليه فتزل قدمك فتهوى في النار. حرموا حلالا أحله الله لهم طلب الفضل في الآخرة تركوا الطعام بالشراب عن قدره، لم - يتكابوا - [ينكبوا] على الدنيا انكباب الكلاب على الجيف، أكلوا الفلق ولبسوا الخرق تراهم شعثا غبرا تظن أن بهم داء وما ذاك بهم، ويظن الناس أنهم قد خولطوا، وما خولطوا، لكن قد خالط القوم الحزن يظن الناس أنهم قد ذهبت عقولهم وما ذهبت عقولهم، ولكن نظروا
(١٤٩)