وقد استعرضت كتابي الفوائد الحائرية للوحيد رحمه الله القديم و الحديث فلم أظفر بهذا المصطلح الذي نقله الشيخ عن الوحيد و يمكن أن يكون ذلك في غير هذين الكتابين من مصنفات الوحيد.
ولعل المناسبة التي اقتضت تسمية الامارات والطرق نحو خبر الواحد والاجماع والشهرة بالأدلة الاجتهادية، والأصول من البراءة و الاشتغال والتخيير والاستصحاب بالأدلة الفقاهتية، هو ما ورد في تعريف الاجتهاد بأنه تحصيل الظن بالحكم الشرعي وما ورد في تعريف الفقه بأنه العلم بالحكم الشرعي.
ومهما يكن من أمر فإن فكرة الأصول والتفريق بينها وبين الامارات اختمرت كما يظهر لأول مرة لدى الوحيد البهبهاني حيث وجد أن الأدلة الشرعية الموصلة إلى الحكم الشرعي (الأعم من الواقعي و الظاهري) على نحوين وليست على نحو واحد.
فهناك طائفة من الأدلة يوظفها المجتهد للوصول إلى الأحكام الإلهية الواقعية والكشف عنها، كالسنة والاجماع والشهرة مثلا.
وهذه الأدلة هي مجموعة الطرق والامارات التي يستخدمها المجتهد أو مطلق المكلف للوصول إلى الأحكام الشرعية الواقعية غير أنها قد تصيب وقد لا تصيب الاحكام الواقعية، وتكون حالة الإصابة فيها ظنية، وهي الأدلة التي اصطلح الوحيد البهبهاني رحمه الله على تسميتها ب (الأدلة الاجتهادية) وطائفة أخرى من الأدلة تقع في امتداد هذه الأدلة في طولها وليس في عرضها يوظفها المكلف للوصول إلى الوظائف الشرعية المقررة للجاهل في ظرف الجهل بالحكم الشرعي، كالبراءة بالنسبة إلى المكلف في ظرف الشك في التكليف و الاحتياط المقرر في ظرف الشك في المكلف به،