والحاصل أنه لا بد من أن يعرف أنه ممتثل ومطيع، حتى يقال عرفا أنه مطيع ممتثل لله تعالى، وكذا قوله عليه السلام: (لا تنقض اليقين إلا بيقين مثله) يقتضي عدم نقض المكلف يقينه بالتكليف السابق، والاستصحاب أيضا يقتضي ذلك، والفقهاء أيضا بناؤهم على ذلك، و المدار في الأعصار والأمصار على ذلك، وكذا سائر الأدلة السابقة يقتضي ذلك، فلاحظ، وتأمل جدا.
هذا مع أن الفقهاء يقولون: لا يكفي مجرد المطابقة، وهم سمعوا ذلك، فكيف يطمئنون بالامتثال؟ بل عندهم أن امتثال هذا مرجعه الفقهاء، فمقتضى ذلك عدم الامتثال إن لم يكن مسامحتهم في الدين.
مع أن الذي يقول بالكفاية يشترط تحقق المطابقة، وعدم كفاية اعتقاد المطابقة، فمن أين يدرون تحقق الشرط؟ مع أن الأصل عدم التحقق فتأمل جدا.
وثالثا: أن استدلاله بالاخبار لا يخلو عن غرابة، لأنها لو دلت على ما ذكر لدلت على مفاسد وشنائع مثل قول الرسول صلى الله عليه و آله وسلم لعمار:
(أ فلا صنعت هكذا)، فإنه إذا جعل المدلول أنك لو صنعت هكذا من غير الاخذ من الشرع لكان صحيحا ولم يكن عليك شئ، فيلزم من ذلك أن لا يكون عليه عقاب بترك التعلم الذي فريضة على كل مسلم وأن يكون الرجوع إلى غير الشرع في العبادات التوقيفية جائزا، فلم يكن وظيفة الشرع، والرجوع إلى غير الشرع لا يكون إلا بالرجوع إلى الرأي والاستحسان ومجرد الجعل والاختراع وأمثال ذلك، فيكون هذه الأمور حجة. ويلزم أيضا الاكتفاء في مقام الامتثال بمجرد الخيال والاحتمال، وعدم