ولا يتفطن بأن هذا لو تم لكان يقتضي أن تكون عبادته الفاسدة كلها صحيحة شرعا، فإني رأيت من الجهال من لا يعرف من الصلاة سوى القيام والقعود، من دون طهارة ولا قراءة ولا ركوع ولا سجود ولا تشهد ولا تسليم بل اعتقاده أن قيامها وقعودها لا حد لهما، كلما يزيد يكون أولى، ويقول: هذه صلاتنا وأما صلاة العلماء والصلحاء فغير هذه، ولا حاجة إلى تعريف عبادة الجهال بل يراها كل أحد.
وأيضا يقتضي أن كل جاهل اعتقد في الدين حكما بمحض اعتقاده، بل يكون دينه أحكاما فاسدة، وهو يعتقد شرعيتها بمحض جهله أو تقليده الجهال، أو يخترع عبادات بكيفيات عجيبة - كما ترى ذلك في النساء، بل وفي الرجال أيضا - ويكون جميع ذلك صحيحة شرعية، من جهة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال (رفع عن أمتي ما لا يعلمون).
بل ربما اقتضى ذلك أن عبادات أهل السنة، وجهالهم وبدعهم أيضا تكون صحيحة، حتى أنه عندهم أن قتل الشيعة وأسرهم وسبي نسائهم واستحلال فروجهن من أقرب القربات عند الله عز وجل فيلزم أن تكون صحيحة موجبة للثواب، ولا يكون فيها عقاب، لأنهم من الأمة، مع أنه ربما يتحقق أمثال ذلك في جهال الشيعة أيضا.
وربما يقتضي أيضا أن العوام لو تركوا جميع عباداتهم التي ما أخذوها من الفقيه لا يكونون آثمين أصلا لقول الرسول صلى الله عليه و آله وسلم: (رفع...) إلخ، لان مقتضى هذا أنه لا إثم ولا مؤاخذة، لا أن أحكامهم وعباداتهم صحيحة شرعا، فمقتضى الحديث جواز الترك، ولا الصحة شرعا.