المطلوب منه بمجرد تقليده الاباء والأمهات أو باستحسان عقله فكيف ينوي التقرب مع أنه لا يعلم أنه تعالى راض بالتعويل على ذلك التقليد أو الاستحسان؟ بل قد عرفت أن وجوب تحصيل المعرفة، وعدم جواز المسامحة والتقصير في المعرفة، من المتواترات المعروفة، وضروريات الدين، وأنه كالشمس وغير ذلك مما مر، بل ومر أنه لا يجوز الاعتماد على الرأي والاستحسان وقول غير المعصوم عليه السلام أو غير من يأمر به المعصوم عليه السلام.
وأيضا العبادات توقيفية موقوفة على النص، لا على أي ظن يكون وعلى الاستحسان وتقليد من ليس بحجة.
واختار المقدس الأردبيلي ومن وافقه صحة عبادة الجاهل بشرط أن تطابق الواقع، وإن لم تطابق تكن فاسدة عنده أيضا، لعدم إتيانه بالمأمور به، وإذا طابقت يكون آتيا بالمأمور به، لان المعرفة ليست جزا للمأمور به، ولا شرطا لصحته، لعدم ثبوت ذلك، بل وثبوت العدم كما يظهر مما ورد في تيمم عمار وطهارة بعض الأنصار وغير ذلك مما ذكرنا في الفوائد، وذكرنا الجواب عنه.
ونقول هنا: إن أراد المقدس انه لا عقاب على الجاهل أصلا فقد عرفت أنه ليس بجاهل في التكليف، فإن الأطفال - فضلا عن النساء، فضلا عن الرجال - يعلمون أن في الدين تكليفات، بل ويعلمون أنه لا بد من معرفتها على ما أشرنا إليه، بل ومن يدخل في الدين أيضا يجزم أن في الدين شرائع وتكليفات، بل كل دين كذلك.
وإن أراد أنه مؤاخذ في ترك التعلم الذي هو فريضة عليه، لكن عبادته صحيحة إن طابقت الواقع.