للثواب الدائم، والعقاب الطويل أو المخلد - إذا كان في أصول الدين -؟ والعقاب بإزاء ترك الفرائض هنا صحيح، لأنه غير غافل بل مقصر.
على أن الخطأ في أصول الدين ليس بمعذور، والخاطئ كافر خارج عن الاسلام أو الايمان، ولا يجتمع هذا أبدا مع الظن والتقليد، لان الخطأ غير مأمون عليهما، والتكليف بالإصابة للواقع تكليف بما لا يطاق، مع أنه على هذا لا يكون ظنا وتقليدا، بل علما واجتهادا.
وأصول الدين دليلها علمي ظاهري بحيث يكون الخطأ فيه من جهة تقصير ما من جهة عدم ملاحظة الدليل، أو من عدم التخلية، أو من المسامحة، وعدم جد وجهد واستفراغ وسع.
على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام بالغوا وأكثروا في المبالغة في وجوب طلب العلم، والتفقه في الدين، و المعرفة، وأن لا يسامح أحد فيها أصلا، وبعدهم الفقهاء أيضا بالغوا، و شددوا، وأكدوا، وأكثروا من الموعظة، كي يكون عباداتهم و عقائدهم على وفق الحق والصواب والرشد، ومع جميع هذا يسامح العوام غاية المسامحة، فلا يعرفون الدين وأحكامه، والعبادات و غيرها كلها فاسدة بالنحو الذي نشاهد منهم، فإذا سمعوا أن كل ظن يحصل لهم - من أي طريق يحصل - يكفي إذا وافق الواقع، فيطمئنون إذن بظنونهم الفاسدة قطعا، ويخربون الامر بالمرة، لأنهم يظنون أن ظنونهم مطابقة للواقع فيرفعون اليد عن تحصيل المعرفة بالمرة.
والله يستر هذه الشكوك عليهم حفظا لدينهم وعباداتهم وغيرها.