لعلم الشارع بان فيها كثيرا من السنن الواقعية، فلأجل التحفظ عليها جعل الثواب على مطلق ما بلغ عنه صلى الله عليه وآله نظير قوله تعالى ما جاء بالحسنة فله عشر أمثالها حيث جعل تضاعف الاجر للحث على الاتيان بالحسنات، فلأدلة الباب اطلاق بالنسبة إلى كل ما بلغ بسند معتبر أو غيره.
ومما ذكرنا يظهر ان استفادة الاستحباب الشرعي منها مشكل غايته للفرق الواضح بين ترتب الثواب على عمل له خصوصية ورجحان ذاتي فيه كما في المستحبات وبين ترتب الثواب على الشئ لأجل ادراك المكلف ما هو الواقع المجهول كما في المقام كما أن جعل الثواب على المقدمات العلمية لأجل ادراك الواقع لا يلازم كونها أمورا استحبابية، وكما أن جعل الثواب على المشي في طريق الوفود إلى الله أو إلى زيارة الامام الطاهر (الحسين بن علي) (عليهما السلام) لأجل الحث إلي زيارة بيته أو امامه، لا يلازم كون المشي مستحبا نفسيا، وقس عليه كل ما يقع في ذهنك من أمثال ذلك نعم يمكن المناقشة في المثالين بان في المشي خصوصية زيادة التخشع والتواضع لله تعالى زائدة على المقدمية وأظنك إذا لاحظت روايات الباب من أولها إلى آخرها تقف على أن الهدف منها هو التحفظ على الواقع بجعل الثواب على كل ما بلغ أو سمع من دون صيرورته مستحبا نفسيا مع كونه غير مستحب واقعا ولو قلنا بان مفادها التفضل على العامل لئلا يضيع عمله وتعبد لما دلت على الاستحباب كما لا يخفى.
واما ما افاده المحقق الخراساني (قدس سره) من أنه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثواب لظهوره في أن الاجر كان مترتبا على نفس العمل الذي بلغ عن النبي صلى الله عليه وآله انه ذو ثواب، فغير تام، لان ترتب الثواب على الشئ (تارة) لأجل كونه محبوبا نفسيا، و (أخرى) لأجل التحفظ على ما هو محبوب واقعا وفى مثله لا يصير العمل مستحبا بذاته ولا يسمى مستحبا اصطلاحا ويليه في الضعف بل أضعف منه ما افاده بعض أعاظم العصر (رحمه الله) فإنه بعدما ذكر الاحتمالات الموجودة في مفاد الاخبار، اختار ثانيها فقال: ان الجملة