ما وضع له، إذا لتلاعب بالألفاظ لا حسن فيه وكون زيد أسدا لفظا لا بلاغة فيه، بل كل المجازات من مرسل واستعارة لا يستعمل لفظها الا فيما وضع له، لكن بادعاء ان المورد وما سبق لأجله الكلام من مصاديقه، وإن كانت العامة غافلين عنه، كما في قوله سبحانه:
ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم (وتقدم تفصيله فراجع) والقائل بان العام المخصص مجاز لابد ان يصحح مقالته بالادعاء إذ قوام المجاز في جميع الأقسام والأمثلة انما هو بالادعاء وان ما قصده أيضا هو نفسه أو من مصاديقه فانظر إلى قول الشاعر جددت يوم الأربعين عزائي * والنوح نوحي والبكاء بكائي ترى ان حسن كلامه وجمال مقاله انما هو في ادعائه بان النوح والبكاء منحصران في نوحه وبكائه وليس غيرهما نوحا وبكاء (وعليه) لا يجوز أن يكون العام المخصص من قبيل المجاز ضرورة عدم ادعاء وتأول فيه، فليس في قوله أوفوا بالعقود، ادعاء كون جميع العقود هي العقود التي لم تخرج من تحته وان الباقي بعد التخصيص عين الكل قبله، إذ ليس المقام مقام مبالغة واغراق حتى يتمسك بهذه الذوقيات، وكذلك قوله سبحانه أحل الله البيع في المطلق الوارد عليه التقييد ، و (الحاصل) ان حمل العام المخصص على باب المجاز مع أن مداره الادعاء وهو غير مناسب في هذه العمومات التي لم يقصد منها الا ضرب القانون، ضعيف جدا مع امكان كونه حقيقة على وجه صحيح، واليك بيانه.
ان الدواعي لانشاء الحكم والقاء الامر على المخاطب كثيرة جدا قد أشرنا إلى بعضها في باب الأوامر، ومن تلك الدواعي هو ضرب القانون واعطاء القاعدة الكلية للعبيد بجعل حكم على عنوان كلي نحو (أكرم العلماء) وللموضوع آلاف من المصاديق، ولكن بعضها محكوم بالاكرام بالإرادة الجدية، وبعضها محكوم بعدم الاكرام كذلك، و (ح) فالقائل يستعمل قوله أكرم العلماء في تمام افراده الذي هو المعنى الحقيقي، بالإرادة الاستعمالية، ثم يشير بدليل منفصل أو متصل علي ان الفساق منهم وان تعلقت بهم الإرادة الاستعمالية وشملهم عموم القانون، الا ان الإرادة الجدية في هذا المورد على خلافه وانهم يحرم اكرامهم