وبعبارة أوضح: كما أن نفس الطبيعة لا يمكن أن تكون مرآة وكاشفة عن الافراد (سواء كان التشخص بالوجود والعوارض اماراته أو كان بالعوارض)، ضرورة ان نفس الطبيعة تخالف الوجود والتشخص وسائر عوارضها، ذهنية كانت أو خارجية، ولا يمكن كاشفية الشئ عما يخالفه، فالماهية لا تكون مرآة للوجود الخارجي والعوارض الحافة به (فكذلك) الألفاظ الموضوعة للطبايع بلا شرط، كأسماء الأجناس وغيرها لا تكون حاكية الا عن نفس الطبايع الموضوعة لها، فالانسان لا يدل الا على الطبيعة بلا شرط وخصوصيات المصاديق لا تكون محكية به.
فان قلت: ان الطبيعة كما يمكن ان تلاحظ مهملة جامدة، فهكذا يمكن ان تلاحظ سارية في افرادها دارجة في مصاديقها كما هو الحال في القضية الحقيقية فهي على فرض السريان عين كل فرد في الخارج ومتحدة معه في وعائه فتصور هذه عين تصور ذاك لأن المفروض ان الطبيعة لوحظت لا بما هي هي بل بما هي موجودة في الخارج وانها عين الافراد.
قلت: ان ذا من العجب وهو خلط بين الانتقال والحكاية، إذ مجرد الاتحاد لا يوجب الحكاية والمرآتية والا كانت الاعراض حاكية عن جواهرها لان وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه، والمتحدات في الخارج حاكية بعضها عن بعض و الحاصل ان مفهوم الانسان مع قطع النظر عن عالم اللفظ والوضع عبارة عن طبيعة منحلة إلى جنسه وفصله عند التحليل لا غير، فلنفس المفهوم ضيق ذاتي لا يكشف عن العوارض والخصوصيات، فلو فرضنا وضع لفظ لتلك الطبيعة فهو لا يمكن ان يحكى الا عما وضع بازائه لا غير واتحاد الانسان خارجا مع الافراد لا يقتضى حكايتها لان مقام الدلالة التابعة للوضع غير الاتحاد خارجا إذا عرفت ذلك فنقول:
ان حقيقة الاطلاق انما يتقوم بوقوع الشئ كالطبيعة موضوعا للحكم بلا قيد واما العموم فهو يتقوم بشيئين (أحدهما) نفس الطبيعة و (ثانيهما) ما يدل على العموم والشمول مثل لفظة كل والجميع والألف واللام مما وضعت للكثرات أو تستفاد منه الكثرة لجهة أخرى، فإذا أضيفت هذه المذكورات إلى الطبايع أو دخل بها وصارتا ككلمة