خاصة كالصلاة والصوم، والسرقة والغيبة، الا ان المأمور به والمنهى عنه حقيقة هو المصالح، والمفاسد، والامر بالصلاة والنهى عن الغيبة ارشاد إلى ما هو المطلوب في نفس الامر، والسر في تعلقها بالعناوين، دون نفس المصالح والمفاسد عدم علم العباد بكيفية تحصيلها أو الاجتناب عنها، ولو اطلع العقل بتلك المصالح والالطاف لحكم بلزوم الاتيان بها، فالمصالح والالطاف هي المأمور بها بالامر النفسي، و العناوين التي تعلق بها الامر والنهى في ظاهر الشرع، محصلات (بالكسر) تلك الغايات وأوامرها ارشادية مقدمية ومع الشك في المحصل لا مناص عن الاحتياط.
الثاني: ان الأوامر المتعلقة بالعناوين وإن كانت أوامر حقيقية غير ارشادية الا ان المصالح والمفاسد اغراض وغايات لتلك الأوامر والنواهي، ولا يحرز الغرض الا بالاتيان بالأكثر، وان شئت قلت إن المصالح والمفاسد والاغراض المولوية علة البعث نحو العمل وعلة لظهور الإرادة في صورة الامر والزجر، فكما ان وجود الأشياء وبقائها انما هو بوجود عللها وبقائها، فهكذا انعدامها وسقوطها بسقوط عللها و فنائها (فح) فالعلم بسقوط الأوامر والنواهي يتوقف على العلم بسقوط الأغراض وحصول الغايات الداعية إليها، فمع الاتيان بالأقل يشك في احراز المصالح فيشك في سقوط الأوامر، فمع العلم بالثبوت لابد من العلم بالسقوط وهو لا يحصل الا بالاتيان بالأكثر.
والفرق بين التقريبين أوضح من أن يخفى، فان المأمور به والمنهى عنه على الأول هو المصالح والمفاسد، والعناوين محصلات وعلى الثاني فالأوامر النفسية و ان تعلقت بالعناوين حقيقة، لكنها لأجل اغراض ومقاصد، فما لم تحصل تلك الأغراض لا تسقط الأوامر والنواهي وقد أشار الشيخ الأعظم إلى التقريبين بقوله: ان اللطف اما هو المأمور به حقيقة أو غرض للآمر فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف وبذلك يظهر ان ما افاده بعض أعاظم العصر (رحمه الله) من أن مراده ليس مصلحة الحكم وملاكه، بل المراد منه التعبد بالامر وقصد امتثاله، ليس بشئ وان أتعب نفسه الشريفة فراجع.