الثاني من التقريبين اللذين في كلامه (رحمه الله) ومحصله: ان الشك في تعلق التكليف بالخصوصية الزائدة المشكوكة من الجزء أو الشرط وإن كان لا يقتضى التنجيز واستحقاق في العقاب على مخالفته من حيث هو، للجهل بتعلق التكليف به، الا ان هناك جهة أخرى تقتضي التنجيز واستحقاق العقاب على ترك الخصوصية على تقدير تعلقه بها، وهى احتمال الارتباطية وقيدية الزائد للأقل، فان هذا الاحتمال بضميمة العلم الاجمالي، يقتضى التنجيز. فإنه لا رافع لهذا الاحتمال، وليس من وظيفة العقل وضع القيدية أو رفعها، بل ذلك من وظيفة الشارع ولا حكم للعقل من هذه الجهة، فيبقى حكمه بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المعلوم والقطع بامتثاله على حاله فلابد من ضم الخصوصية الزائدة انتهى كلامه.
قلت: ليت شعري أي فرق بين الجزء الزائد واحتمال الارتباطية والقيديه، في أنه تجرى البراءة العقلية في الأول دون الأخيرين، مع أن الكل من القيود الزائدة المشكوكة فيها التي لا يكون العقاب عليها الا عقابا بلا بيان، وقد اعترف (قدس سره) في صدر كلامه بان كل خصوصية مشكوكة فيها يكون العقاب عليها عقابا بلا بيان واما ما افاده من أنه ليس وظيفة العقل رفع القيدية أو وضعها فهو صحيح لكن ليس معنى البراءة العقلية رفع التكليف بل مفاد البراءة العقلية هو حكم العقل على أن العقاب على المشكوك فيه عقاب بلا بيان من غير فرق بين أن يكون المشكوك فيه ذات الجزء أو الارتباطية، وعلى أي حال: فإذا كان الأقل متعلقا للعلم التفصيلي من غير كون الخصوصية متعلقة للعلم بل مشكوك فيها من رأس، فتجرى البراءة في اية خصوصية مشكوكة فيها ولعمر القارئ ان بين صدر كلامه وذيله تناقضا ظاهرا ولعل التدبر الصحيح يرفع تلك المناقضة فتأمل.
وههنا: تقرير ثالث للاشتغال وهو ان الأقل معلوم الوجوب بالضرورة، ومع اتيانه يشك في البراءة عن هذا التكليف المعلوم، لان الأكثر لو كان واجبا لا يسقط التكليف المتوجه إلى الأقل باتيانه بلا ضم القيد الزائد، فلابد للعلم بحصول الفراغ من ضمه إليه.