والكلام هناك بعد الفحص، والمختار هناك ان الفقيه إذا تفحص قدر ما كان يلزمه، يصير كل واحد من العام والمطلق حجة فعلية في حقه، ولو عثر على مقيد أو مخصص بعده، لا يكون المطلق معلقا بعدم البيان الواقعي بحيث يكون العثور عليه كاشفا عن عدم حجيته، بل ينتهى به أمد الحجية، وقس عليه العام، (كل ذلك على ما سلكناه تبعا للمحقق الخراساني من كون المستند لوجوب الفحص هو المعرضية) واما على القول بان المستند هو العلم الاجمالي، فربما يقال في تقريره بانا نعلم اجمالا ان هنا مخصصات ومقيدات يلزم العمل بها، فلا محيص عن الفحص عنها، (هذا) واستشكل عليه بأمرين.
(الأول) ان هذا العلم الاجمالي لا ينحل وان بلغ الفحص غايته، لان المخصصات المعلوم وجودها ليست منحصرة فيما بأيدينا من الكتب، بل هي أكثر من ذلك لان الجوامع الأولية مفقودة، والأصول المدونة في عهد الصادقين كانت تحتوى اخبارا واحكاما على خلاف العمومات، ولازم ذلك ان لا ينحل بالفحص فيما بأيدينا من الكتب، و (أجيب عنه) بان العلم الاجمالي لا مدرك له سوى ما بأيدينا من الكتب، (ويؤيده)، ان ذلك مجرد احتمال فإنه لا علم وجداني لنا بوجود أصول ضايعة غير واصلة فضلا عن اشتمالها على مخصصات يوجب العمل عليها على فرض العثور، بل يحتمل أن يكون المفقود على فرض قبوله غير الاحكام ولو سلمنا كونه احكاما فمن أين حصل العلم بأنها غير ما بأيدينا ولو سلم فمن أين حصل العلم لنا بوجوب العمل بها لو عثرنا بها، ولعل اسنادها كانت ضعيفة غير صحيحة.
الثاني ان العلم الاجمالي بورود مخصصات فيما بأيدينا من الكتب، وان اقتضى عدم جريان الأصول اللفظية قبل الفحص، الا انه بعد الفحص والعثور على المقدار المتيقن منها، يوجب انحلاله، ومقتضاه جريانها في سائر الموارد بلا فحص مع أنهم يوجبون الفحص عند كل شبهة، (وأجاب) عنه بعض أهل التحقيق بان المقدار المتيقن بعدما كان مرددا بين محتملات منتشرات في أبواب الفقه، يصير جميع ما شك فيه في تمام الأبواب طرف هذا العلم فيمنع عن الاخذ به قبل فحصه، ولا يفيد