والامصار، فلو لم يقع من الشارع ايجاب التعبد بها لم يتحقق الدواعي إلى نقلها أصلا ولو ترك نقلها، صارت الاحكام منسية غير معلومة لا اجمالا ولا تفصيلا، ومعه لا يتمكن الانسان من الإطاعة الاجمالية والاحتياط في العمل لان طريقه صار مغفولا عنه لعدم انقداح الاحتمال في الأذهان الا ببركة ما وصل إلينا منهم (ع).
قلت مع أن الدواعي إلى نقل الاخبار كثيرة، ان الشارع يمكن ان يتوصل إلى غرضه (الاحتياط عند عدم العلم) بايجاب نشر الروايات ونقلها وبثها، حتى يحصل بذلك موضوع للعمل بالاحتياط.
ويمكن ان يذب عن الاشكال: بان في ايجاب تحصيل العلم التفصيلي في زمان الحضور وفى ايجاب الاحتياط في زمن الغيبة أو الحضور مع عدم امكان الوصول إليه عليه السلام مفسدة غالبة توضيحه: اما في زمان الانفتاح، فلان السؤال عن الأئمة عليهم السلام وإن كان أمرا ممكنا غير معسور، الا ان الزام الناس في ذلك الزمان على العمل بالعلم، كان يوجب ازدحام الشيعة على بابهم، وتجمعهم حول دارهم وكان التجمع حول الامام أبغض شئ عند الخلفاء، وكان موجبا للقتل والهدم وغيرهما فلو فرض وجوب العلم التفصيلي في زمن الصادقين (ع) كان ذلك موجبا لتجمع الناس حول دارهم وديارهم بين سائل وكاتب، وقارئ ومستفسر، وكان نتيجة ذلك تسلط الخلفاء على الشيعة وردعهم، وقطع أصولهم عن أديم الأرض، وعدم وصول شئ من الأحكام الشرعية موجودة بأيدينا. فدار الامر بين العمل بالأخبار الواردة عنهم (ع) بطريق الثقات الموصلة إلى الواقع غالبا وان خالفت أحيانا، وبين ايجاب العلم، حتى يصل بعض الشيعة إلى الواقع ويحرم آلاف من الناس عن الاحكام والفروع العملية، لما عرفت ان الالزام على تحصيل العلم كان ذلك مستلزما للتجمع على باب الأئمة، وكان نتيجة ذلك صدور الحكم من الخلفاء باخذهم وشدهم وضربهم وقتلهم واضطهادهم تحت كل حجر ومدر.
واما الاحتياط في هذه الأزمان، أو زمن الحضور لمن لم يمكن له الوصول إليهم (ع) ففساده أظهر من أن يخفى، فإنه مستلزم للحرج الشديد، واختلال النظام، و