واما الثاني فقد قرره بعض أعاظم العصر، وملخص ما افاده: ان حقيقة الإطاعة عند العقل هو الانبعاث عن بعث المولى، بحيث يكون المحرك له، نحو العمل هو تعلق الامر به وهذا الاحتمال لا يتحقق في الامتثال الاجمالي، فان الداعي في كل واحد من الطرفين هو احتمال الامر، فالانبعاث، انما يكون عن احتمال البعث، وهذا وإن كان قسما من الإطاعة الا انهما متأخرة رتبة عن الامتثال التفصيلي فالانصاف ان مدعى القطع بتقدم رتبة الامتثال التفصيلي على الاجمالي مع التمكن عن التفصيلي في الشبهات الموضوعية والحكمية، لا يكون مجازفا ومع الشك يكون مقتضى القاعدة هو الاشتغال.
ثم نقل الفاضل المقرر (رحمه الله) وجها آخر وهو ان اعتبار الامتثال التفصيلي من القيود الشرعية ولو بنتيجة التقييد.
وفيه: منع انحصار الإطاعة في الانبعاث عن البعث، بل يشمل للانبعاث عن احتمال الامر أيضا، بل الآتي بالمأمور به بداعي اهتمال الامر أطوع ممن اتى به لأجل الانبعاث القطعي فان الانبعاث عن احتمال الامر، كاشف عن قوة المبادى الباعثة إلى الإطاعة في نفس المطيع، من الاقرار بعظمته، والخضوع لديه.
على أن الباعث ليس هو الامر الواقعي والالزم الالجاء، وعدم صدور العصيان من أحد، بل الباعث هو تصور أمر الآمر وما يترتب عليه من العواقب والآثار، فينبعث عن تلك المقدمات رجاء للثواب، أو خوفا من العقاب وهذا المعنى موجود عند الانبعاث عن الاحتمال، و (الحاصل) ان الباعث هو المبادى الموجودة في نفس المطيع من الخوف والخضوع، وهو موجود في كلا الامتثالين، أعني عند القطع بالامر أو احتماله.
على أن الباعث للاتيان بالاطراف انما هو العلم بالبعث المردد بين الأطراف فالانبعاث انما هو عن البعث في الموافقة الاجمالية أيضا والاجمال انما هو في المتعلق أضف إلى ذلك ان ما ادعاه من كون الامتثال التفصيلي من القيود الشرعية على فرض امكان اعتباره شرعا بنتيجة التقييد، فهو مما لا دليل عليه، والاجماع في المقام مما