الآيات والاخبار ".
ونلاحظ في النقاط التي يختلف فيها ابن إدريس مع الشيخ الطوسي اهتماما كبيرا منه باستعراض الحجج التي يمكن أن تدعم وجهة نظر الطوسي وتفنيدها، وهذه الحجج التي يستعرضها ويفندها إما أن تكون من وضعه وإبداعه يفترضها افتراضا ثم يبطلها لكي لا يبقي مجالا لشبهة في صحة موقفه، أو أنها تعكس مقاومة الفكر التقليدي السائد لآراء ابن إدريس الجديدة.
أي إن الفكر السائد استفزته هذه الآراء وأخذ يدافع عن آراء الطوسي، فكان ابن إدريس يجمع حجج المدافعين ويفندها. وهذا يعني أن آراء ابن إدريس كان لها رد فعل وتأثير معاصر على الفكر العلمي السائد الذي اضطره ابن إدريس للمبازرة.
ونحن نعلم من كتاب السرائر أن ابن إدريس كان يجابه معاصريه بآرائه ويناقشهم ولم يكن منكمشا في نطاق تأليفه الخاص، فمن الطبيعي أن يثير ردود فعل وأن تنعكس ردود الفعل هذه على صورة حجج لتأييد رأي الشيخ، فمن مجابهات ابن إدريس تلك ما جاء في المزارعة من كتاب السرائر، إذ كتب عن رأي فقهي يستهجنه ويقول: " والقائل بهذا القول السيد العلوي أبو المكارم بن زهرة الحلبي شاهدته ورأيته وكاتبته وكاتبني وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ فاعتذر رحمه الله بأعذار غير واضحة ".
كما نلمح في بحوث ابن إدريس ما كان يقاسيه من المقلدة الذين تعبدوا بآراء الشيخ الطوسي وكيف كان يضيق بجمودهم؟ ففي مسألة تحديد المقدار الواجب نزحه من البئر إذا مات فيها كافر يرى ابن إدريس أن الواجب نزح جميع ما في البئر بدليل أن الكافر إذا باشر ماء البئر وهو حي وجب نزح جميعها اتفاقا، فوجوب نزح الجميع إذا مات فيها أولى. وإذا كان هذا الاستدلال _ الاستدلال بالأولوية _ يحمل طابعا عقليا جريئا بالنسبة