الاستحباب كما استعملت في موارد الوجوب، ولكن استعمالها في موارد الوجوب استعمال حقيقي، لأنه استعمال للصيغة في المعنى الذي وضعت له، واستعمالها في موارد الاستحباب استعمال مجازي يبرره الشبه القائم بين الاستحباب والوجوب.
2 - (صيغة النهي):
صيغة النهي نحو " لا تذهب "، " لا تخن "، " لا تكسل في طلب العلم ". والمقرر بين الأصوليين هو القول بأن صيغة النهي تدل على الحرمة، ويجب أن نفهم هذا القول بصورة مماثلة لفهمنا القول بأن صيغة الامر تدل على الوجوب، فإن النهي يشكل جملة مفيدة ويشتمل لاجل ذلك على نسبة تامة، وتعتبر الجملة التي يشكلها جملة انشائية لا إخبارية، فأنت حين تقول " لا تذهب " لا تريد أن تخبر عن عدم الذهاب وإنما تريد أن تمنع المخاطب عن الذهاب وتمسكه عن ذلك، فصيغة الأمر والنهي متفقتان في كل هذا ولكنهما تختلفان في الارسال والامساك، لان صيغة الامر تدل على نسبة إرسالية كما سبق، وأما صيغة النهي فتدل على نسبة إمساكية، أي إنا حين نسمع جملة " اذهب " نتصور نسبة بين الذهاب والمخاطب ونتصور أن المتكلم يرسل المخاطب نحوها ويبعثه إلى تحقيقها كما يرسل الصياد كلبه نحو الفريسة، وأما حين نسمع جملة " لا تذهب " فنتصور نسبة بين الذهاب والمخاطب، ونتصور أن المتكلم يمسك مخاطبه عن تلك النسبة ويزجره عنها، كما لو حاول كل الصيد أن يطارد الفريسة فأمسك به الصياد، ولهذا نطلق عليها اسم " النسبة الامساكية ".
وتدخل الحرمة في مدلول النهي بالطريقة التي دخل بها الوجوب إلى مدلول الامر، ولنرجع بهذا الصدد إلى مثال الصياد، فإنا نجد أن الصياد حين يمسك كلبه عن تتبع الفريسة قد يكون إمساكه هذا ناتجا عن كراهة