القرينة المتصلة والمنفصلة:
عرفنا أن كلمة " الحديث " في المثال السابق قد تكون قرينة في ذلك السياق، وتسمى " قرينة متصلة " لأنها متصلة بكلمة البحر التي أبطلت مفعولها وداخلة معها في سياق واحد، والكلمة التي يبطل مفعولها بسبب القرينة تسمى ب " ذي القرينة ".
ومن أمثلة القرينة المتصلة الاستثناء من العام، كما إذا قال الآمر:
" أكرم كل فقير إلا الفساق "، فإن كلمة " كل " ظاهرة في العموم لغة، وكلمة " الفساق " تتنافى مع العموم، وحين ندرس السياق ككل نرى أن الصورة التي تقتضيها هذه الكلمة أقرب إليه من صورة العموم التي تقتضيها كلمة " كل "، بل لا مجال للموازنة بينهما، وبهذا تعتبر أداة الاستثناء قرينة على المعنى العام للسياق.
فالقرينة المتصلة هي كل ما يتصل بكلمة أخرى، فيبطل ظهورها ويوجه المعنى العام للسياق الوجه التي تنسجم معه.
وقد يتفق أن القرينة بهذا المعنى لا تجئ متصلة بالكلام بل منفصلة عنه فتسمى " قرينة منفصلة ". ومثاله أن يقول الآمر: " أكرم كل فقير " ثم يقول في حديث آخر بعد ساعة: " لا تكرم فساق الفقراء "، فهذا النهي لو كان متصلا بالكلام الأول لاعتبر قرينة متصلة ولكنه انفصل عنه في هذا المثال.
وفي هذا الضوء نفهم معنى القاعدة الأصولية القائلة: إن ظهور القرينة مقدم على ظهور ذي القرينة سواء كانت القرينة متصلة أو منفصلة.
وهناك فروق بين القرينة المتصلة والمنفصلة لا مجال لدراستها على مستوى هذه الحلقة.