فأمد الفكر الأصولي بقوة جديدة كما يبدو من أفكاره الأصولية في كتابه الفقهي " مشارق الشموس في شرح الدروس "، ونتيجة لمرانه العظيم في التفكير الفلسفي انعكس اللون الفلسفي على الفكر العلمي والأصولي بصورة لم يسبق لها نظير، ونقول: انعكس اللون الفلسفي لا الفكر الفلسفي، لان هذا المحقق كان ثائرا على الفلسفة وله معارك ضخمة مع رجالاتها، فلم يكن فكره فكرا فلسفيا بصيغته التقليدية وإن كان يحمل اللون الفلسفي، فحينما مارس البحث الأصولي انعكس اللون وسرى في الأصول الاتجاه الفلسفي في التفكير بروحية متحررة من الصيغ التقليدية التي كانت الفلسفة تتبناها في مسائلها وبحوثها، وكان لهذه الروح أثرها الكبير في تاريخ العلم فيما بعد، كما سنرى إنشاء الله تعالى.
وفي عصر الخونساري كان المحقق محمد بن الحسن الشيرواني المتوفى سنة (1098) ه يكتب حاشيته على المعالم.
ونجد بعد ذلك بحثين أصوليين: أحدهما قام به جمال الدين بن الخونساري، إذ كتب تعليقا على شرح المختصر للعضدي، وقد شهد له الشيخ الأنصاري في الرسائل بالسبق إلى بعض الأفكار الأصولية. والآخر السيد صدر الدين القمي الذي تلمذ على جمال الدين وكتب شرحا لوافية التوني ودرس عنده الأستاذ الوحيد البهبهاني وتوفي سنة (1071) ه.
والواقع أن الخونساري الكبير ومعاصره الشيرواني وابنه جمال الدين وتلميذ ولده صدر الدين بالرغم من أنهم عاشوا فترة زعزعة الحركة الاخبارية للبحث الأصولي وانتشار العمل في الا حديث كانوا عوامل رفع للتفكير الأصولي، وقد مهدوا ببحوثهم لظهور مدرسة الأستاذ الوحيد البهبهاني التي افتتحت عصرا جديدا في تاريخ العلم كما سوف نرى، وبهذا يمكن اعتبار تلك البحوث البذور الأساسية لظهور هذه المدرسة والحلقة الأخيرة