عشر على يد الميرزا محمد أمين الاسترآبادي المتوفى سنة (1021) ه واستفحال أمر هذه الحركة بعده، وبخاصة في أواخر القرن الحادي عشر وخلال القرن الثاني عشر.
وكان لهذه الحملة بواعثها النفسية التي دفعت الأخباريين من علمائنا رضوان الله عليهم وعلى رأسهم المحدث الاسترآبادي إلى مقاومة علم الأصول، وساعدت على نجاح هذه المقاومة نسبيا. نذكر منها ما يلي:
1 - عدم استيعاب ذهنية الأخباريين لفكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، فقد جعلهم ذلك يتخيلون أن ربط الاستنباط بالعناصر المشتركة والقواعد الأصولية يؤدي إلى الابتعاد عن النصوص الشرعية والتقليل من أهميتها.
ولو أنهم استوعبوا فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط كما درسها الأصوليون لعرفوا أن لكل من العناصر المشتركة والعناصر الخاصة دورها الأساسي وأهميتها، وأن علم الأصول لا يستهدف العناصر الخاصة بالعناصر المشتركة، بل يضع القواعد اللازمة لاستنباط الحكم من العناصر الخاصة.
2 - سبق السنة تاريخيا إلى البحث الأصولي والتصنيف الموسع فيه، فقد أكسب هذا علم الأصول إطارا سنيا في نظر هؤلاء الثائرين عليه، فأخذوا ينظرون إليه بوصفه نتاجا للمذهب السني. وقد عرفنا سابقا أن سبق الفقه السني تاريخيا إلى البحوث الأصولية لم ينشأ عن صلة خاصة بين علم الأصول والمذهب السني، بل هو مرتبط بمدى ابتعاد الفكر الفقهي عن عصر النصوص التي يؤمن بها، فإن السنة يؤمنون بأن عصر النصوص انتهى بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وبهذا وجدوا أنفسهم في أواخر القرن الثاني بعيدين عن عصر النص بالدرجة التي جعلتهم يفكرون في وضع علم الأصول، بينما كان الشيعة وقتئذ يعيشون