الرجوع إليها لتحديد موقفه العملي إذا لم يجد دليلا على الحكم وظل الحكم الشرعي مجهولا لديه. ونقصد ببحوث الملازمات والعلاقات بين الاحكام ما يقوم به علم الأصول من دراسة الروابط المختلفة بين الاحكام، من قبيل مسألة أن النهي عن المعاملة هل يقتضي فسادها أو لا؟ إذ تدرس في هذه المسألة العلاقة بين حرمة البيع وفساده وهل يفقد أثره في نقل الملكية من البائع إلى المشتري إذا أصبح حراما أو يظل صحيحا ومؤثرا في نقل الملكية بالرغم من حرمته؟ أي إن العلاقة بين الحرمة والصحة هل هي علاقة تضاد أو لا؟
عطاء الفكر الأصولي وابداعه:
وبودي أن أشير بهذا الصدد إلى حقيقة يجب أن يعلمها الطالب ولو بصورة مجملة، حيث لا يمكن توضيحها والتوسع فيها على مستوى هذه الحلقة.
وهذه الحقيقة هي أن علم الأصول لم يقتصر إبداعه الذاتي على مجاله الأصيل أي مجال تحديد العناصر المشتركة في عملية الاستنباط بل كان له إبداع كبير في عدد من أهم مشاكل الفكر البشري، وذلك إن علم الأصول بلغ في العصر العلمي الثالث وفي المرحلة الأخيرة من هذا العصر بصورة خاصة قمة الدقة والعمق، ووعى بفهم وذكاء مشاكل الفلسفة وطرائقها في التفكير والاستدلال وبحثها متحررا من التقاليد الفلسفية التي تقيد بها البحث الفلسفي منذ ثلاثة قرون، إذ كان يسير في خط مرسوم ولا يجسر على التفكير في الخروج عن القواعد العامة للتفكير الفلسفي، ويستشعر الهيبة للفلاسفة الكبار وللمسلمات الأساسية في الفلسفة بالدرجة التي تجعل هدفه الأقصى استيعاب أفكارهم والقدرة على الدفاع عنها، وبينما كان البحث الفلسفي