تتبع الكلب للفريسة بدرجة شديدة، وقد ينتج عن كراهة ذلك بدرجة ضعيفة.
ونظير هذا تماما نتصوره في النسبة الامساكية التي نتحدث عنه، فإنها قد نتصورها ناتجة عن كراهة شديدة للمنهي عنه، وقد نتصورها ناتجة عن كراهة ضعيفة.
ومعنى القول بأن صيغة النهي تدل على الحرمة في هذا الضوء أن الصيغة موضوعة للنسبة الامساكية بوصفها ناتجة عن كراهة شديدة وهي الحرمة، فتدخل الحرمة ضمن الصورة التي نتصور بها المعنى اللغوي لصيغة النهي عند سماعها.
وفي نفس الوقت قد تستعمل صيغة النهي في موارد الكراهة، فينهى عن المكروه أيضا بسبب الشبه القائم بين الكراهة والحرمة، ويعتبر استعمالها في موارد المكروهات استعمال مجازيا.
3 - (الاطلاق):
وتوضيحه أن الشخص إذا أراد أن يأمر ولده بإكرام جاره المسلم فلا يكتفي عادة بقوله: " أكرم الجار " بل يقول: " أكرم الجار السلم "، وأما إذا كان يريد من ولده أن يكرم جاره مهما كان دينه فيقول: " أكرم الجار " ويطلق كلمة الجار أي لا يقيدها بوصف خاص ويفهم من قوله عندئذ أن الامر لا يختص بالجار المسلم بل يشمل الجار الكافر أيضا، وهذا الشمول نفهمه نتيجة لذكر كلمة الجار مجردة عن القيد، ويسمى هذا ب " الاطلاق " ويسمى اللفظ في هذه الحالة " مطلقا ". وعلى هذا الأساس يعتبر تجرد الكلمة من القيد اللفظي في الكلام دليلا على شمول الحكم، ومثال ذلك من النص الشرعي قوله تعالى: " أحل الله البيع "، فقد جاءت كلمة البيع هنا مجردة عن أي قيد في الكلام، فيدل هذا الاطلاق على شمول الحكم بالحلية لجميع أنواع البيع. وأما كيف أصبح ذكر الكلمة بدون قيد في الكلام