وعلى هذا الأساس نعرف أن من المستحيل أن يكون الوجوب داعيا إلى إيجاد موضوعه ومحركا للمكلف نحوه كما يدعو إلى إيجاد متعلقه، فوجوب الصوم على كل مكلف غير مسافر ولا مريض ولا يمكن أن يفرض على المكلف أن لا يسافر وإنما يفرض عليه أن يصوم إذا لم يكن مسافرا، ووجوب الحج على المستطيع لا يمكن أن يفرض على المكلف أن يكتسب ليحصل على الاستطاعة وإنما يفرض الحج على المستطيع، لان الحكم لا يوجد إلا بعد وجود موضوعه، فقبل وجود الموضوع لا وجود للحكم لكي يكون داعيا إلى إيجاد موضوعه، ولأجل ذلك وضعت في علم الأصول القاعدة القائلة: " إن كل حكم يستحيل أن يكون محركا نحو أي عنصر من العناصر الدخيلة في تكوين موضوعه بل يقتصر تأثيره وتحريكه على نطاق المتعلق ".
الفصل الرابع العلاقات القائمة بين الحكم والمقدمات المقدمات التي يتوقف عليها وجود الواجب على قسمين:
أحدهما المقدمات التي يتوقف عليها وجود المتعلق، من قبيل السفر الذي يتوقف أداء الحج عليه، أو الوضوء الذي تتوقف الصلاة عليه، أو التسلح الذي يتوقف الجهاد عليه.
والآخر المقدمات التي تدخل في تكوين موضوع الوجوب، من قبيل نية الإقامة التي يتوقف عليها صوم شهر رمضان، والاستطاعة التي تتوقف عليها حجة الاسلام.
والفارق بين هذين القسمين أن المقدمة التي تدخل في تكوين موضوع الوجوب يتوقف على وجودها الوجوب نفسه، لما شرحناه سابقا من أن الحكم الشرعي يتوقف وجوده على وجود موضوعه، فكل مقدمة دخيلة في تحقق