عصر النص الذي يمتد عندهم إلى الغيبة.
ونجد هذا المعنى بوضوح ووعي في نص للمحقق الفقيه السيد محسن الأعرجي المتوفى سنة (1227) ه، إذ كتب في وسائله ردا على الأخباريين يقول: " إن المخالفين لما احتاجوا إلى مراعاة هذه الأمور قبل أن نحتاج إليها سبقوا إلى التدوين لبعدهم عن عصر الصحابة وإعراضهم عن أئمة الهدى، وافتتحوا بابا عظيما لاستنباط الاحكام كثير المباحث دقيق المسارب جم التفاصيل، وهو القياس. فاضطروا إلى التدوين أشد ضرورة، ونحن مستغنون بأرباب الشريعة وأئمة الهدى، نأخذ منهم الاحكام مشافهة ونعرف ما يريدون بديهة. إلى أن وقعت الغيبة وحيل بيننا وبين إمام العصر (عليه السلام)..
فاحتجنا إلى تلك المباحث وألف فيها متقدمونا كابن الجنيد وابن أبي عقيل، وتلاهما من جاء بعدهما كالسيد والشيخين وأبي الصلاح وأبي المكارم وابن إدريس والفاضلين والشهيدين إلى يومنا هذا. أترانا نعرض عن مراعاتها مع مسيس الحاجة لان سبقنا إليها المخالفون وقد قال (صلى الله عليه وآله) الحكمة ضالة المؤمن! وما كنا في ذلك تبعا وإنما بحثنا عنها أشد البحث واستقصينا أثم الاستقصاء ولم نحكم في شئ منها إلا بعد قيام الحجة وظهور المحجة ".
3 - ومما أكد في ذهن هؤلاء الاطار السني لعلم الأصول ان ابن الجنيد وهو من رواد الاجتهاد وواضعي بذور علم الأصول في الفقه الامامي كان يتفق مع أكثر المذاهب الفقهية السنية في القول بالقياس. ولكن الواقع أن تسرب بعض الأفكار من الدراسات الأصولية السنية إلى شخص كابن الجنيد لا يعني أن علم الأصول بطبيعته سني، وإنما هو نتيجة لتأثر التجربة العملية المتأخرة بالتجارب السابقة في مجالها. ولما كان للسنة تجارب سابقة زمنيا في البحث الأصولي فمن الطبيعي أن نجد في بعض التجارب المتأخرة تأثرا بها، وقد يصل التأثر أحيانا إلى درجة تبني بعض الآراء السابقة غفلة