يكلفنا بملاحظة حالات كثيرة يعذر فيها الجاهل لكي نصل إلى القاعدة العامة القائلة: " إن كل جاهل معذور "، لا يكلفنا القياس الحنفي إلا بملاحظة حالة واحدة واتخاذها دليلا على إثبات حكم من نفس النوع لسائر الحالات الأخرى.
وما دام الاستقراء ليس حجة ما لم يحصل منه القطع بالحكم الشرعي فمن الطبيعي أن لا يكون القياس حجة، لأنه خطوة من الاستقراء فصلت عن سائر الخطوات.
الفصل الثاني الدليل الاستقرائي غير المباشر كان الدليل الاستقرائي الذي درسناه في الفصل السابق يشتمل على استقراء عدد من الاحكام الخاصة واستنتاج حكم عام منها، فالحكم العام يكتشف بالاستقراء مباشرة، ولهذا نطلق عليه اسم " الدليل الاستقرائي المباشر ".
ويوجد قسم آخر من الدليل الاستقرائي، وهو الدليل الاستقرائي غير المباشر، ونريد به أن نستدل بالاستقراء لا على الحكم مباشرة بل على وجود دليل لفظي يدل بدوره على الحكم الشرعي، ففي هذا الاستقراء نكتشف بصورة مباشرة الدليل اللفظي، وبعد اكتشاف الدليل اللفظي عن طريق الاستقراء نثبت الحكم الشرعي بذلك الدليل اللفظي.
ومثال ذلك " التواتر "، فقد عرفنا سابقا أن التواتر دليل استقرائي يقوم على أساس تجميع القرائن، فإذا أخبرنا عدد كبير من الرواة بنص عن المعصوم عليه السلام أصبح النص متواترا، وحينئذ نستدل بالتواتر بوصفه دليلا استقرائيا على صدور ذلك الكلام من المعصوم (عليه السلام) أي على دليل