على قيمة البذور التي نمت حتى آتت أكلها على يد الطوسي.
وقد جاء كتاب العدة للطوسي الذي يمثل نمو الفكر الأصولي في أعقاب تلك البذور تلبية لحاجات التوسع في البحث الفقهي. وعلى هذا الضوء نعرف أن من الخطأ القول بأن كتاب العدة ينقض العلاقة بين تطور الفقه وتطور الأصول ويثبت إمكانية تطور الفكر الأصولي بدرجة كبيرة دون أن يحصل أدنى تغيير في الفكر الفقهي، لان الشيخ صنف العدة في حياة السيد المرتضى والفكر الفقهي وقتئذ كان يعيش مستواه البدائي ولم يتطور إلا خلال كتاب المبسوط الذي كتبه الشيخ في آخر حياته. ووجه الخطأ في هذا القول أن كتاب المبسوط وإن كان متأخرا تاريخيا عن كتاب العدة ولكن كتاب المبسوط لم يكن إلا تجسيدا للتوسع والتكامل للفكر الفقهي الذي كان قد بدأ بالتوسع والنمو والتفريع على يد ابن الجنيد والسيد المرتضى وغيرهما.
الوقوف النسبي للعلم:
ما مضى المجدد العظيم محمد بن الحسن الطوسي قدس سره حتى قفز بالبحوث الأصولية وبحوث التطبيق الفقهي قفزة كبيرة وخلف تراثا ضخما في الأصول يتمثل في كتاب العدة وتراثا ضخما في التطبيق الفقهي يتمثل في كتاب المبسوط. ولكن هذا التراث الضخم توقف عن النمو بعد وفاة الشيخ المجدد طيلة قرن كامل في المجالين الأصولي والفقهي على السواء.
وهذه الحقيقة بالرغم من تأكيد جملة من علمائنا لها تدعو إلى التساؤل والاستغراب، لان الحركة الثورية التي قام بها الشيخ في دنيا الفقه والأصول والمنجزات العظيمة التي حققها في هذه المجالات كان من المفروض والمترقب أن تكون قوة دافعة للعلم وأن تفتح لمن يخلف الشيخ من العلماء آفاقا رحيبة للابداع والتجديد ومواصلة السير في الطريق الذي بدأه الشيخ، فكيف لم