يكتسب الحرارة من النار إذا وضع عليها.
(ومن الادراك العقلي) ما يكون ناقصا. والادراك الناقص هو اتجاه العقل نحو ترجيح شئ دون الجزم به لاحتمال الخطأ، كادراكنا أن الجواد الذي سبق في مناورات سابقة سوف يسبق في المرة القادمة أيضا، وأن الدواء الذي نجح في علاج أمراض معينة سوف ينجح في علاج أعراض مرضية مشابهة، وأن الفعل المشابه للحرام في أكثر خصائصه يشاركه في الحرمة.
والسؤال الأساسي في هذا البحث: ما هي حدود العقل أو الادراك العقلي الذي يقوم بدور الوسيلة الرئيسية لاثبات العناصر المشتركة في عملية الاستنباط؟ فهل يمكن استخدام الادراك العقلي كوسيلة للاثبات مهما كان مصدره ومهما كانت درجته، أو لا يجوز استخدام الادراك العقلي كوسيلة للاثبات إلا ضمن حدود معينة من ناحية المصدر أو الدرجة.
وقد اتجه البحث حول هذه النقطة نحو معالجة الدرجة أكثر من اتجاهه نحو معالجة المصدر، فاتسعت الدراسات الأصولية التي تناولت حدود العقل من ناحية الدرجة، واختلفت الاتجاهات حول مدى شمول العقل وحدوده - بوصفه وسيلة إثبات رئيسية - فهل يشمل الادراكات الناقصة التي تؤدي إلى مجرد الترجيح أو يختص بالادراك الكامل المنتج للجزم؟.
ولهذا البحث تاريخه الزاخر في علم الأصول وفي تاريخ الفكر الفقهي، كما سنرى.
الاتجاهات المتعارضة في الادراك العقلي وقد شهد تاريخ التفكير الفقهي اتجاهين متعارضين في هذه النقطة كل التعارض، يدعو أحدهما إلى اتخاذ العقل في نطاقة الواسع الذي يشمل الادراكات الناقصة، وسيلة رئيسية للاثبات في مختلف المجالات التي يمارسها