القسم الأول المدخل إلى علم الأصول تعريف علم الأصول تمهيد:
بعد أن آمن الانسان بالله والإسلام والشريعة وعرف أنه مسؤول بحكم كونه عبدا لله تعالى عن امتثال أحكام الله تعالى، يصبح ملزما بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الاسلامية، ومدعوا بحكم عقله إلى بناء كل تصرفاته الخاصة علاقاته مع الافراد الآخرين على أساسها، أي اتخاذ الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعة بوصفه عبدا للمشرع سبحانه الذي أنزل الشريعة على رسوله. ولأجل هذا كان لزاما على الانسان أن يعين الموقف العملي الذي تفرضه هذه التبعية عليه في كل شأن من شؤون الحياة ويحدده، فهل يفعل أو يترك? وهل يتصرف بهذه الطريقة أو بتلك؟.
ولو كانت أحكام الشريعة وأوامرها ونواهيها في كل الاحداث والوقائع واضحة وضوحا كاملا بديهيا للجميع، لكان تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة في كل واقعة أمرا ميسورا لكل أحد، لان كل انسان يعرف أن الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعة في الواجبات هو " أن يفعل " وفي المحرمات هو " أن يترك " وفي المباحات هو " أنه بالخيار إن شاء فعل وان شاء ترك ". فلو كانت الواجبات والمحرمات وسائر الأحكام الشرعية محددة ومعلومة بصورة عامة وبدهية لكان الموقف العملي المحتم على الانسان بحكم تبعيته للشريعة واضحا في كل واقعة، ولما احتاج تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة إلى بحث علمي ودراسة واسعة.