قد ينقلب المجاز حقيقة:
وقد لاحظ الأصوليون بحق أن الاستعمال المجازي وإن كان يحتاج إلى قرينة في بداية الامر - ولكن إذا كثر استعمال اللفظ في المعنى المجازي بقرينة وتكرر ذلك بكثرة قامت بين اللفظ والمعنى المجازي علاقة جديدة، وأصبح اللفظ نتيجة لذلك موضوعا لذلك المعنى وخرج عن المجاز إلى الحقيقة ولا تبقى بعد ذلك حاجة إلى قرينة.
وهذه الظاهرة يمكننا تفسيرها بسهولة على ضوء طريقتنا في شرح حقيقة الوضع والعلاقة اللغوية، لأننا عرفنا أن العلاقة اللغوية تنشأ عن اقتران اللفظ بالمعنى مرارا عديدة أو في ظرف مؤثر، فإذا استعمل اللفظ في معنى مجازي مرارا كثيرة اقترن تصور اللفظ بتصور ذلك المعنى المجازي في ذهن السامع اقترانا متكررا، وأدى هذا الاقتران المتكرر إلى قيام العلاقة اللغوية بينهما كما قامت العلاقة بين اسم النوفلي واسم السكوني.
تصنيف اللغة:
تنقسم كلمات اللغة كما قرأتم في النحو إلى اسم وفعل وحرف، وقولنا:
" تهتدي الانسانية في الاسلام " يشتمل على الأقسام الثلاثة، ف " الانسانية " و " الاسلام " من الأسماء، و " في " حرف من حورف الجر، و " تهتدي " فعل من أفعال المضارعة.
وإذا درسنا مفردات هذه الجملة بشئ من الدقة نجد أن كلمة " الانسانية " لو فصلت عن سائر الكلمات وبقيت بمفردها لظلت تحتفظ بمدلولها ومعناها الخاص، وكذلك كلمة " الاسلام " توحي بنفس المعنى الخاص بها سواء كانت جزءا من الجملة أو منفصلة عنها. وأما كلمة " في " فهي تفقد معناها إذا جردت عن الجملة ولوحظت بمفردها، إذ لا توجد في ذهننا عندئذ أي