مجالا جديدا للابداع، وكانت مدرسة البهبهاني هي الوارثة لهذا الاتجاه.
(ومنها) عامل المكان، فإن مدرسة الأستاذ الوحيد البهبهاني نشأت على مقربة من المركز الرئيسي للحوزة وهو النجف فكان قربها المكاني هذا من المركز سببا لاستمرارها ومواصلة وجودها عبر طبقات متعاقبة من الأساتذة والتلامذة، الامر الذي جعل بإمكانها أن تضاعف خبرتها باستمرار وتضيف خبرة طبقة من رجالاتها إلى خبرة الطبقة التي سبقتها، حتى استطاعت أن تقفز بالعلم قفزة كبيرة وتعطيه ملامح عصر جديد. وبهذا كانت مدرسة البهبهاني تمتاز عن المدارس العديدة التي كانت تقوم هنا وهناك بعيدا عن المركز وتتلاشى بموت رائدها.
نص يصور الصراع مع الحركة الاخبارية:
وللمحقق البهبهاني رائد هذه المدرسة كتاب في الأصول باسم " الفوائد الحائرية " نلمح فيه ضراوة المعركة التي كان يخوضها ضد الحركة الاخبارية.
ونقتبس من الكتاب نصا يشير فيه إلى بعض شبهات الأخباريين وحججهم ضد علم الأصول، ويلمح لدى تفنيدها إلى ما شرحناه سابقا من أن الحاجة إلى علم الأصول حاجة تاريخية.
قال البهبهاني: " لما بعد العهد عن زمان الأئمة وخفت أمارات الفقه والأدلة على ما كان المقرر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاء بانقراضهم وخلو الديار عنهم إلى أن انطمس أكثر آثارهم كما كانت طريقة الأمم السابقة والعادة الجارية في الشرائع الماضية، أنه كلما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى امارات قديمة وتحدث خيالات جديدة إلى أن تضمحل تلك الشريعة.
توهم متوهم أن شيخنا المفيد ومن بعده من فقهائنا إلى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة مبدعين بدعا كثيرة.. متابعين للعامة مخالفين لطريقة الأئمة