وبعد ما عرفت ذلك نقول: انه لا اشكال في جواز اخذ القرب بغير معنى دعوة الامر في المأمور به وهو القرب بمعنى الاتيان بما هو آلة الخضوع لله سبحانه بلام الصلة أو القرب بمعنى الاتيان بالعمل بداعي ملاكه ورجحانه الذاتي، إذ لا بأس بأمر الشارع بالصلاة القربية الناشئ قربها من جهة دعوة الملاك أو الحسن أو من جهة اتيانها لوجهه الاعلى. و انما الكلام والاشكال في امكان اخذ القرب الناشئ عن دعوة الامر في المأمور به بنحو القيدية أو الجزئية. ومن التعرض في جواز اخذ مثل القرب الناشي عن داعي الامر في المأمور به وعدم جوازه يظهر أيضا حال اخذ الجامع بين هذا القرب والقرب الناشي عن اتيان العمل لوجهه الاعلى أو القرب الناشي من دعوة الملاك والمصلحة، من حيث جواز اخذه بنحو الشرطية أو الشطرية في المأمور به وفي متعلق الامر، لأنه إذا لا يجوز اخذ القرب الناشئ من دعوة الامر في المأمور به لا يجوز اخذ جامع القرب الناشي من دعوة الامر ومن دعوة الرجحان والمصلحة، كما هو واضح.
وبعد ذلك نقول: بان التحقيق كما عليه أهله هو عدم جواز اخذ القرب الناشي من دعوة الامر في المأمور به بنحو الشرطية أو الشطرية وامتناعه. ووجه الامتناع ظاهر، لان القرب الناشئ من دعوة هذا الامر انما هو معلول شخص هذا الامر ومترتب عليه، ولازمه هو كونه في رتبة متأخرة عن الامر، بحيث يصح ان يقال في شخص هذا اللحاظ ويحكم عليه: بأنه عقيب الامر ومترتب عليه ترتب المعلول على علته، وحينئذ فمع كونه مرئيا في هذا اللحاظ عقيب الامر وفي رتبة متأخرة عنه فكيف يمكن ان يؤخذ مثله في موضوع هذا الامر في هذا اللحاظ وفي رتبة متقدمة عليه؟ وهل هو الا من المستحيل؟.
ولا مجال أيضا لتنظير المقام بمثل معلوم الخمرية أو البولية المأخوذة جهة المعلومية أيضا جزء للموضوع مع معلومية تأخر العلم عن الذات نحو تأخر الحكم عن موضوعه فيقال بأنه حيث يجوز ذلك بلا اشكال يجوز أيضا في المقام بلا كلام. وذلك لما هو المعلوم من وضوح الفرق بين البابين، من جهة ان اخذ العلم جزء للموضوع انما هو بلحاظ امر آخر وهو حكم وجوب الاجتناب أو حرمة الارتكاب، وأين ذلك والمقام المفروض فيه اخذ الدعوة الناشئة عن قبل الامر في موضوع شخص هذا الامر! فان ذلك هو الذي قلنا بامتناعه واستحالته.
واما ما يتوهم من امكان تصحيح ذلك بنحو اخذ الطبيعي في متعلقة القابل