الجهة الثانية لا شبهة في أن للعام صيغة تخصه، كلفظ كل وتمام وجميع وأي وما يرادفها في أي لغة ك (همه) و (هر) بالفارسية. وذلك للتبادر حيث إن من الواضح تبادر العموم والاستيعاب منها. وكون التخصيص شايعا حتى قيل بأنه ما من عام الا وقد خص لا يستلزم الوضع للخصوص أو القدر المشترك بينهما كما لا يخفى. بل ولئن تأملت ترى بان نفس الاحتياج إلى التخصيص في قولك: كل عالم، قرينة وضعها للعموم وانها بحيث يستفاد منها الاستيعاب والشمول لولا التخصيص، وعليه فلا يصغى إلى ما قيل من الوضع للخصوص في الألفاظ المدعى كونها موضوعة للعموم، حيث إن في وضوح المسألة غنى وكفاية عن إقامة البرهان على العموم وابطال ما أقيم على كونها للخصوص، و حينئذ فلا اشكال من هذه الجهة ولا كلام.
وانما الكلام في أن قضية هذه الأداة المدعي دلالتها على العموم وضعا كلفظ كل وتمام وجميع هل هو الاستيعاب والشمول لجميع ما يصلح انطباق المدخول عليه من الافراد، أم لا، بل كان قضية عمومها تابعا لما يراد من المدخول فيها من حيث الاطلاق والتقييد ونحوهما؟ قال في الكفاية ما محصله: ان دلالة لفظ كل ونحوه على العموم وان كانت بالوضع لكن دائرة شمول العام بالنسبة إلى قلة الافراد وكثرته تابعة لما يراد من المدخول من حيث الاطلاق والتقييد، فإذا كان المدخول مأخوذا بنحو الاطلاق والسريان فالشمول والعموم كان بلحاظ افراد المطلق، كما أنه لو كان المدخول مقيدا ببعض القيود كما لو أراد من العالم في قوله: أكرم كل عالم، العالم العادل أو العالم النجفي فلا جرم يكون العموم بالنسبة إلى الافراد في دائرة المقيد لا المطلق، فعلى كل حال ما هو المدلول للفظ كل ونحوه من الألفاظ العموم انما هو الاستيعاب والشمول في دائرة ما يراد من المدخول، وعلى ذلك ففي مثل قوله: أكرم كل عالم، فلابد في الحكم بالاستيعاب بالنسبة إلى جميع ما يصلح انطباق المدخول عليه من الافراد بناء على مسلك السلطان من الوضع للطبيعة المهملة القابلة للاطلاق والتقييد من احراز كون المراد من المدخول هو الطبيعة بنحو الاطلاق والارسال، ولو كان ذلك من جهة قرينة الحكمة، والا فمع عدم احراز هذه الجهة واحتمال كون المراد من المدخول وهو العالم الطبيعة المقيدة لا يبقى مجال