الوجود بين المقدمة وذيها، والكاشف عن ذلك كان هو الفاء المزبور في قولك: وجد فوجد و من المعلوم حينئذ انتفاء مثل هذا الملاك بالنسبة إلى اجزاء المركب نظرا إلى أن المركب لا يكون في الحقيقة الا نفس الاجزاء بالأسر وفي ذلك لا يكون بينها وبين الاجزاء المغايرة والا ثنينية بحسب الهوية أو الوجود بوجه أصلا، ومن هذه الجهة أيضا نقول بعدم المجال لاعتبار المقدمية بين الطبيعي وافراده كما توهم، لان الطبيعي بعد اتحاده مع فرده خارجا لا مغايرة ولا اثنينية بينهما حتى يجئ فيه ملاك المقدمية وصح تخلل الفاء الكاشف عن اختلاف الرتبة بينهما، كما هو واضح.
نعم لا يعتبر في صحة تخلل الفاء المزبور لزوم المؤثرية والمتأثرية بين الوجودين كما بين العلة والمعلول، بل يجري ذلك في مثل العارض والمعروض أيضا كما في الصورة السريرية العارضة على الأخشاب المتعددة المتصل بعضها ببعض بالكيفية الخاصة، ولكن ذلك أيضا غير مرتبط بعنوان الاجتماع والانضمام في المركبات الاعتبارية من جهة ان عنوان الاجتماع وكذا الترتب والانضمام انما كان انتزاعها في المركبات الشرعية عن جهة وحدة الامر المتعلق بالمتكثرات الخارجية كما أن عنوان الانفراد والاستقلال أيضا كان انتزاعهما عن تعدد الامر المتعلق بالمتكثرات، حيث إنه من تعلق تكليف واحد بعدة أمور يطرء عليها وحدة اعتبارية ينتزع بها عنها عنوان الاجتماع والتركب والانضمام فيقال بأنها مجتمعات تحت وجوب واحد، ومن تعلق تكاليف متعددة بها ينتزع عنها عنوان الانفراد والاستقلال في مقام عروض الوجوب فيقال بأنها واجبات متعددة مستقلة وان فرض كونها في الخارج متلازمات الوجود لملازمتها مع هيئة خارجية كما في اجزاء السرير وبهذه الجهة أيضا يمتاز العمومات المجموعية والاستغراقية حيث إن تمام الميز بينهما انما هو في وحدة الإرادة القائمة بالمجموع وتعددها، كما هو واضح.
وعلى ذلك فبعد ما لا يمكن اخذ مثل هذه الوحدة الاعتبارية الطارية على المتكثرات الخارجية من قبل وحدة التكليف والوجوب في متعلق هذا التكليف وموضوعه، فلا جرم في رتبة تعلق الوجوب لا يبقى الا الذوات المتكثرة الخارجة ولا يكون متعلق الوجوب و معروضة الا نفس الذوات المتكثرة، ومعه لا يبقى مجال لاعتبار الكلية والجزئية للواجب إذ لا يكون في هذه المرحلة امر وحداني تعلق به الوجوب حتى ينتهى الامر إلى مقدمية الاجزاء بوجه أصلا، ولئن شئت فاستوضح ذلك بذوات أمور متعددة في الخارج حيث