لا اختصاص له بعمل دون عمل بل يجري في جميع الأعمال التي أمر المولى بها، فكل عمل أو فعل أمر المولى به إذا اتى به بداعي أمره كان مقربا ولو كان من الافعال العادية من نحو الأكل والشرب وغيرها ويحكم العقل أيضا باستحقاق المثوبة عليه كما هو واضح.
ومن الجهات الفارقة بين الخضوعين أيضا تصحيح باب النيابة في العبادات بمثل الخضوعات الجعلية نظرا إلى كونها قابلة للنيابة والتسبيب فإنه حينئذ بنفس نسبتها إلى الغير يقع الخضوع لذلك الغير لا له ويكون الغير هو المتقرب بهذا العمل كما هو المشاهد بالوجدان في الخضوعات الجعلية العرفية من تقبيل اليد ونحوه فيما إذا أمر الغير بتقبيل يد زيد عن قبله أو بخضوعه عنه بنحو آخر، فإنه لا شبهة حينئذ في أنه إذا خضع المأمور لزيد أو قبل يده عن قبل الآمر يقع خضوعه ذلك لذلك الغير الذي امره به لا لنفسه وكان ذلك الغير أيضا هو المتقرب بعمله، بل ربما لا يحتاج إلى الامر أيضا فيتقرب بعمل غيره عنه بمحض رضائه بذلك وان لم يكن بتسبيب منه كما لو خضع أحد لزيد وقبل يده عن قبل الغير فإنه بمحض رضاء ذلك الغير بهذا الخضوع عن قبله يقع ذلك خضوعا له لا للفاعل فكان الفاعل بمنزلة الآلة لايجاد ما هو خضوع الغير من دون استناد لهذا الخضوع إلى شخص الفاعل بوجه أصلا.
وحينئذ نقول: بأنه إذا كان ذلك حال الخضوعات العرفية، فليكن كذلك في العبادات أيضا، فكان النائب إذا اتى بما هو آلة الخضوع ولو بجعل الشارع كالصلاة و الصوم والحج والزيارة والطواف بالبيت لوجهه سبحانه عن بقل الغير يقع هذه الخضوعات حقيقة لذلك الغير وكان هو المتقرب بعمل النائب لكن مع تسبيبه إياه في ايجاد تلك الخضوعات عن قبله ولا أقل من رضائه بذلك، ففي الحقيقة مقربية هذه الخضوعات للغير منوطة بأمرين: أحدهما خضوع الغير لله سبحانه عن قبله، وثانيهما رضاء ذلك الغير وطيب خاطرة به بحيث لو كان مكرها فيه لما كان العمل عبادة له و لما كان متقربا به، فإذا تحقق الأمران المزبوران يقع القرب لا محالة لذلك الغير، و عليه فلا يرد اشكال في باب النيابة في العبادات. وهذا بخلافه في العبادة بداعي الامر إذ عليه كان امر تصحيح النيابة في العبادات في غاية الاشكال نظرا إلى استحالة صدور مثل هذا المعنى عن النائب، إذ الامر المتعلق بالعبادة على الفرض انما هو متوجه إلى المنوب عنه دون النائب، ومعه كيف يمكن صدورها عن النائب بداعي