الذهنية كي تطابقه تارة ولا تطابقه أخرى بل لا تكون الجملة فيه الا مشتملة على نسبة ايقاعية ارسالية بين المبدأ والفاعل من دون مدخلية فيه لقصد الجدية والهزلية كما هو كذلك في الاخبار أيضا لان هذه الأمور انما كانت من دواعي الاخبار والانشاء فإنه كما يخبر أو ينشأ هزلا يخبر وينشأ جدا أيضا، فلا يكون حينئذ من مقوماتها كما هو واضح. و من ذلك ظهر أيضا عدم دلالة الهيئة في مثل اضرب في فرض الجد بالارسال على الطلب الحقيقي الذي هو عين الإرادة أو ما ينتزع عن مقام اظهارها كالايجاب والالزام والتحريك الا على نحو الالتزام دون المطابقة، من جهة ان مفاد الهيئة كما عرفت عبارة عن النسبة الايقاعية الارسالية بين المبدأ والفاعل وحينئذ فدلالتها على الطلب انما هو باعتبار كون هذه النسبة من شؤون الطلب ولازمه كما هو واضح. وسيجئ لذلك مزيد بيان في محله إن شاء الله. وكيف كان فهذا كله في الجمل المتمحضة في الأخبارية والانشائية.
واما ما كان منها صالحا للامرين كقولك اطلب وبعت وزوجت مما تصلح لان تكون اخبارا تارة وانشاء أخرى، فقد يقال: بان الفرق بينهما حينئذ انما هو من جهة قصد الحكاية وقصد الموجدية، وانه ان قصد المستعمل في مقام الاستعمال الحكاية بها عن نسبة ثابتة خارجية تكون اخبارا، وان قصد بها موجديتها للمبدأ تكون انشاء فكان تمام الميز والفرق حينئذ بين كون الجملة أخبارية وبين كونها انشائية من جهة قصد الحكاية و الموجدية. ولكن فيه ما لا يخفى، من أنه لا مدخل لقصد الموجدية في انشائية الانشاء بوجه أصلا بل هو من الطوارئ للانشاء الخارجة عما به قوام انشائية الانشاء ومن ذلك ترى صدق الانشاء حقيقة في الانشاءات الهزلية من مثله قوله ملكتك السماء ونحوه مع انتفاء قصد الموجدية فيها، فان صدق ذلك كاشف ان ما به تحقق الانشاء الكلامي غير القصد المزبور وان قصد الموجدية كقصد الهزلية من الدواعي للانشاء الخارجة عما به قوام انشائية الانشاء، كيف ولازم دخل القصد المزبور في الانشاء في فرض الجد بايجاد المبدأ في الخارج وفى الوعاء المناسب ان يكون المتحقق هناك قصدين طوليين أحدهما ما به قوام تحقق الانشاء وثانيهما قصد الجد بالايجاد بالانشاء الكلامي، مع أن ذلك كما ترى مخالف لما هو قضية الوجدان في الانشاءات الجدية الحقيقية كما هو واضح.
وربما يفرق بينهما أيضا من جهة قصد الحكاية وعدم قصدها بأنه، ان كان استعمل الجملة حاكيا بها عن نسبة ثابتة تكون اخبارا، وان كان المستعمل استعملها لا بقصد