على المسلكين المزبورين يلزم القول بجواز الدخول في الصلاة مع ذلك الوضوء حتى بعد انكشاف نجاسة الماء، وكذا نظائر ذلك، مع أن ذلك كما ترى لا يمكن الالتزام به لاستلزامه تأسيس فقه جديد. وحينئذ كان مثل هذه التوالي الفاسدة مما يكشف بها كشفا قطعيا عن بطلان الوجهين الأولين ومعه يتعين الوجه الأخير، فإنه على هذا المسلك لا يكاد يتوجه شئ من تلك المحاذير، لان الماء المزبور على هذا المسلك انما كان محكوما بالطهارة تعبدا وتنزيلا، وحينئذ فبانكشاف الخلاف يرتفع التعبد بالطهارة من حينه وبعد ارتفاعه يبقى دليل شرطية الطهارة الواقعية على حاله، فيقتضي هذا الدليل بطلان الوضوء المزبور و عدم طهارة الثوب المزبور، كما يقتضي أيضا وجوب إعادة الصلاة المأتية بذلك الوضوء وفي ذلك الثوب.
هذا كله مضافا إلى ما يرد على الوجه الأول أيضا إذ نقول فيه مضافا إلى ما فيه من مخالفته لظاهر الأدلة من الاختصاص بالطهارة الواقعية انه من المستحيل أيضا إرادة الطهارة الواقعية والظاهرية من لفظ واحد في نحو قوله: كل ثوب غسل بماء طاهر فقد طهر ووجهه يظهر بعد ملاحظة طولية المحكيين وهما الحكمان في كون أحدهما في رتبة متأخرة عن الشك بالآخر الموجب لعدم امكان اجتماعهما في لحاظ واحد وامتناع حكاية قوله (طاهر) عنهما، إذ حينئذ في حكايته عن الطهارة الواقعية لم يلحظ الا نفس الحكم الواقعي بخلافه في حكايته عن الطهارة الظاهرية فإنها باعتبار كونها في رتبة متأخرة عن الشك بالواقع يحتاج إلى لحاظ الواقع ولحاظ الشك به أيضا وهو كما ترى ولعل ذلك هو السر أيضا في عدم ذهابهم إلى استفادة التعميم من الأدلة المتكلفة لكبري الأثر كما لا يخفى.
بقى أمور لم يتعرض لها الأستاذ دام ظله الأول: لا اشكال في عدم جريان هذا النزاع في موارد القطع بالامر مع انكشاف الخلاف بعده، ووجهه واضح، من جهة أنه حينئذ لا امر شرعي في البين حتى يجرى فيه النزاع المزبور، بل وانما هو امر زعمي تخيلي من المكلف ومعه كان الامر الواقعي باقيا على حاله بلا موافقة فيجب الإعادة حينئذ إطاعة للامر الواقعي. نعم لو كان القطع مأخوذا شرعا بنحو الموضوعية كما في ذوي الأعذار بناء على جواز البدار لهم بمجرد القطع ببقاء العذر إلى آخر الوقت يدخل في محل البحث فيجري فيه النزاع المزبور من حيث الاجزاء وعدمه بعد انكشاف الخلاف.